شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

4.5 - زواجه وزوجاته

ربما لاحظنا أنه لم يرد حتى الآن أي ذكر لحياة ابن العربي العائلية، فيما إذا كان تزوج ومن ومتى؟ نحن نعرف أن الشيخ محي الدين قد تزوج أكثر من مرة ولكننا لا يمكننا أن نحدد متى حصل ذلك ولا كم مرة على وجه التحديد. ولكن يبدو على الأغلب أن الشيخ محي الدين فضّل في البداية الابتعاد عن النساء والارتباط العائلي حتى يتمكن من الرحيل والتنقل دون أن يشغل باله بمستلزمات العائلة، ولقد كان موفقا في ذلك إلى حد بعيد حيث وجدنا أنه بعد وفاة والده ووالدته بسنتين تقريبا زوّج أختيه وتخلّص من الارتباطات العائلية التي تستوجب منه تفرغا كاملا، بعيدا عن أي ارتباط يعيقه عما هو في سبيله. ولكن هذا الحال لا يمكن أن يدوم لأنه "لا صرورة في الإسلام"،[576]والرسول صلّى الله عليه وسلّم قال في جوابه على الثلاثة الذين كان أحدهم يقوم الليل كله والآخر يصوم ولا يفطر والثالث لا يتزوج النساء، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الحديث المتفق عليه: "أمَا والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني!" وقال أيضاً في الحديث الآخر: "حُبِّبَ إليَّ النساءُ والطيبُ وجُعلت قرّة عيني في الصلاة".[577]

يقول ابن العربي في الباب الثالث والستين وأربعمائة من الفتوحات المكية في تعليقه على موضوع هذا الحديث الأخير أنه كان من أكره خلق الله تعالى في النساء وفي الجِماع في أول دخوله إلى هذا الطريق وبقي على ذلك نحواً من "ثمان عشرة سنة"، إلى أن وقف على الخبر النبويّ أن الله حَبَّب النساء لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم؛ فما أحبهن طبعاً ولكنه أحبّهن بتحبّب الله إليه. ويضيف الشيخ محي الدين فيقول: "فلما صدقتُ مع الله في التوجّه إليه تعالى في ذلك من خوفي مقت الله حيث أكره ما حبّبه الله لنبيّه أزال عني ذلك بحمد الله، وحبّبهن إليّ؛ فأنا أعظم الخلق شفقة عليهنّ وأرعى لحقّهن لأني في ذلك على بصيرة، وهو عن تحبّب لا عن حبّ طبيعي."

ويضيف الشيخ الأكبر فيقول إنه لا يعلم قدر النساء إلا من علم وفَهم عن الله ما قاله في حق زوجتَيْ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عندما تعاونتا عليه وخرجتا عليه كما ذكر الله في سورة التحريم وجعل في مقابلة هاتين المرأتين في التعاون عليه من يعاون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليهما وينصره وهو الله وجبريل وصالح المؤمنين ثم الملائكة بعد ذلك ظهير،[578]وليس ذلك إلا للاختلاف في السبب الذي لأجله يقع التعاون؛ فثمّ أمر لا يمكن إزالته إلا بالله لا بمخلوق ولذلك أمرنا أن نستعين بالله في أشياء وبالصبر في أشياء وبالصلاة في أشياء فاعلم ذلك.[579]

فإذن، بعد ثمانية عشر سنة من دخوله الطريق، عاد الشيخ محي الدين وغيّر موقفه من النساء لما حبّبهنّ الله إليه فأصبح يحبّهن على بصيرة. فأين ومتى حدث ذلك التغيّر بالتحديد؟ أغلب الظن أنه حدث في مكة المكرمة في هذه السنة سنة 598، إذا افترضنا أنه دخل الطريق سنة 580 كما ذكر هو في مكان آخر حيث قال: "ونلت هذه المقامات في دخولي هذه الطريقة سنة ثمانين وخمسمائة في مدة يسيرة"،[580]رغم أن بعض الباحثين يرجّح أن الشيخ محي الدين قد دخل طريق الله قبل ذلك بكثير كما ذكرنا في بداية الفصل الثاني.

إذا كان الأمر كذلك، فهذا يخالف ما قرّره، من غير أي دليل، أسين بلاثيوث في كتابه عن حياة ابن العربي حيث يفترض أن ابن العربي قد تزوّج حتى قبل دخوله الطريق وأن من المحتمل أن يكون دخوله الطريق كان بتأثير زوجته مريم بنت محمد بن عبدون التي سنذكرها بعد قليل. ولكن هذا الكلام غير منطقي على الإطلاق وليس له أي دليل.

فإذا كان الأمر كذلك، فبمن تزوّج ابن العربي؟ ومن هي المرأة التي كانت أوّل زوجاته التي غيّرت حياته على هذا النحو؟ من غير المستبعد أن تكون نظام قرة العين هي التي غيّرت حياة ابن العربي بهذا الشكل فكانت أول امرأة فكّر بالزواج بها إن لم يكن فعلا قد تزوّجها، على ما سنذكره في الفقرة التالية.

4.5.1- الشيخ أبو شجاع الأصفهاني (مكة 598/1201)

4.5.2- ترجمان الاشواق

4.5.3- نظام، زوجته الأولى

4.5.4- زوجته فاطمة بنت يونس بن يوسف أمير الحرمين

4.5.5- زوجته مريم بنت محمد بن عبدون

4.5.6- زوجات أخريات