شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

4.5.5 - زوجته مريم بنت محمد بن عبدون

وكذلك، بخلاف الحالة مع نظام بنت الشيخ أبي شجاع الأصفهاني، فمن المؤكد أن الشيخ محي الدين قد تزوج من مريم بنت محمد بن عبدون، ولكنه لم يتحدّث عنها بمثل ما تحدّث عن نظام، ولا نعلم عنها إلا القليل، ويبدو من خلال حديثه عنها أنها كانت أيضاً من أهل الطريق. يقول ابن العربي في الباب الثاني والخمسين وثلاثمائة في حديثه عن الفرق بين أصحاب الذوق والشهود وغيرهم ممن ليس لهم شهود في الحق:

وما رأيت واحداً من أهل هذا المقام (مقام تجسيد الخيال للمعاني) ذوقاً إلا أنه أخبرتني أهلي مريم بنت محمد بن عبدون أنها أبصرت واحداً وصفت لي حاله، فعلمت أنه من أهل هذا الشهود إلا أنها ذكرت عنه أحوالاً تدل على عدم قوّته فيه وضعفه مع تحقّقه بهذا الحال، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.[586]

وقال أيضاً في أثناء حديثه عن الأمور التي يجب على المريد إتباعها قبل أن يجد الشيخ المناسب، وهي تسعة أشياء؛ أربعة في الظاهر وهي الجوع والسهر والصمت والعزلة، وهي نفسها التي تكلّم عنها في كتاب حلية الأبدال الذي كتبه في الطائف كما سنذكره بعد قليل، وخمسة في الباطن وهي التوكل واليقين والصبر والعزيمة والصدق، فيقول:

حدثتني المرأة الصالحة مريم بنت محمد بن عبدون بن عبد الرحمن البجائي، قالت رأيت في منامي شخصاً كان يتعاهدني في وقائعي وما رأيت له شخصاً قط في عالم الحس فقال لها: تقصدين الطريق؟ قالت فقلت له: إي والله أقصد الطريق، ولكن لا أدري بماذا! قالت فقال لي: بخمسة وهي: التوكل، واليقين، والصبر، والعزيمة، والصدق. فعرضت رؤياها عليّ فقلت لها هذا مذهب القوم.[587]

وكما أشرنا أعلاه ينوّه أسين بلاثيوس إلى أن زواج ابن العربي بمريم بنت محمد بن عبدون قد تمّ في أشبيلية ربما قبل سنة 580/1184، وأنه ربّما من تأثّره بها، حيث كانت امرأة صالحة، دخل طريق التصوّف.[588]وهذا الكلام رجم في الغيب ليس عليه أي دليل، بل كما ذكرنا من المرجّح أن الشيخ محي الدين لم يتزوّج إلا بعد قدومه إلى المشرق سنة 598/1202.

والحقيقة أن عائلة "ابن عبدون" عائلة كبيرة وعريقة تعود إلى القرون الأولى في الإسلام، ولا يمكننا تحديد هويّة محمد بن عبدون تماما؛ فنعرف مثلا أن عبد الله بن عبدون كان كاتبا عند أمير المسلمين في الأندلس وكان مشهورا بالعلم والخطابة وسنذكر سبب ذلك في الفصل الخامس حيث يبدو أن الشيخ محي الدين قد التقى بابن أخيه المنجنيقي وهو ابن عبد المجيد بن عبدون وذلك في قونية، فمن غير المستبعد إذا أن يكون الشيخ قد التقى بفروع هذه العائلة هناك وتزوّج من بنتهم مريم التي يمكن أن تكون هي أم ابنه سعد الدين محمّد الذي وُلد في ملطية سنة 618/1221.