شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

2.3.13 - رؤيته للرسل عليهم الصلاة والسلام

وهكذا فقد رأى الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي جميع الرسل عليهم السلام رؤية عين، والتقى ببعضهم كذلك في مناسبات كثيرة سواء في عالم المثال أو في عالم المُلك. فهو يقول في الفتوحات المكية أنه رأى جميع الرسل والأنبياء كلهم مشاهدة عين وكلّم منهم على وجه الخصوص هوداً أخا عاد. ويضيف أيضاً أنه رأى المؤمنين كلهم مشاهدة عين أيضاً، من كان منهم ومن يكون إلى يوم القيامة، أظهرهم الحق له في صعيد واحد في زمانين مختلفين. ثم يضيف فيقول:

وصاحبت من الرسل وانتفعت بهم سوى محمد صلّى الله عليه وسلّم جماعة منهم إبراهيم الخليل قرأت عليه القرآن، وعيسى تبت على يديه، وموسى أعطاني علم الكشف والإيضاح وعلم تقليب الليل والنهار؛ فلما حصل عندي زال الليل وبقي النهار في اليوم كله فلم تغرب لي شمس ولا طلعت فكان لي هذا الكشف إعلاماً من الله أنه لا حظّ لي في الشقاء في الآخرة، وهود عليه السلام سألته عن مسألة فعرّفني بها فوقعت في الوجود كما عرفني بها. ... وعاشرت من الرسل محمداً صلّى الله عليه وسلّم وإبراهيم وموسى وعيسى وهوداً وداود وما بقي فرؤية لا صحبة.[177]

ويقول أيضاً في معرض حديثه عن المعراج:

فلما دخلت (السماء الثانية) إذا بعيسى عليه السلام بجسده عينه فإنه لم يمت إلى الآن بل رفعه الله إلى هذه السماء وأسكنه بها وحكّمه فيها، وهو شيخنا الأول الذي رجعنا على يديه وله بنا عناية عظيمة لا يغفل عنّا ساعة واحدة وأرجو أن ندرك زمان نزوله إن شاء الله.[178]

وقد ذكر ذلك أيضاً شعرا في مقدمة الباب الثالث عشر وثلاثمائة من الفتوحات حيث أن عادته رضي الله عنه أنه دائما يفتتح أبواب الفتوحات بأبيات شعر هي جزء من موضوع الباب. فيقول الشيخ محي الدين في هذه القصيدة:[179]

أقول لآدم أصل الجسوم|وإن محمداً أصلٌ شريفٌ|إذا حضروا وإخواني وقوفٌ|فإني كنت تُبت على يديه|وذلك في المنام، وكان موسى|وأعطاني الغزالة[180] في يميني|وأغناني فروّحني علوّاً|فإن حضروا وضمّهمُ مقامٌ|فبرُّ الوالدين علي فرضٌ|أنا ابن محمد وأنا ابن نوحٍ|فيا من يفهم الألغاز هذ

كما أصل الرسالة شرع نوحِ|عزيز في الوجود لكل روحِ|لخدمتهم حننت إلى المسيحِ|وساعدني على قتل المسيحِ[181]|نجيّ فيه بالقول الفصيحِ|وأفهم بالإشارة والصـريحِ|وأفقرني فأصحبني ضريحي|إليهم حين أبصرهم جنوحي|فيا نفسي على التفريط نوحي|كما أني ابن آدم في الصحيحِ|لسان رموزنا بالعلم يوحي

ولتوضيح بعض المعاني التي وردت في هذه القصيدة نذكّر أن ابن العربي يعتبر أن أصل أرواحنا روح محمد صلّى الله عليه وسلّم فهو "أوّل الآباء روحاً" كما أن آدم عليه السلام "أوّل الآباء جسماً" ونوحٌ عليه السلام "أوّل رسول أرسل"، ومن كان قبله إنما كانوا أنبياء. فكما قال في نفس هذا الباب الثالث عشر وثلاثمائة أن أول شخص استفتُحت به الرسالة هو نوح عليه السلام، وأول روح إنساني وُجد هو روح محمد صلّى الله عليه وسلّم، وأول جسم إنساني وُجد جسم آدم عليه السلام.[182]