شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

2.3.10 - الفقه والعلوم النظرية

وعلى ضوء ما ذكرناه أعلاه من تركيز الشيخ محي الدين على الحديث النبوي الشريف، بالإضافة إلى اعتماده كصوفي على العلم الكشفي الذوقي، فقد أعرض رضي الله عنه عن العلوم النظرية (من كلمة "النظر" وهو "الرأي") كالفلسفة وعموم علوم الرأي. فالصوفية لا يُقحمون أنفسهم بجدال الآراء والأقوال المختلفة المتضاربة، ولا يتكلمون إلا عن بصيرة، كما يقول الله تعالى في آخر سورة يوسف: [b]((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [108]))[/b].

ولكن الشيخ رضي الله عنه كتب بعض الكتب في الفقه، وخصّص كما ذكرنا أعلاه جزءاً كبيراً من كتاب الفتوحات المكية للكلام عن الأحكام الفقهية المختلفة للعبادات كالصلاة والصيام والزكاة والحج، ولكنه لم يقحم نفسه في أي جدل وغايته أن يذكر الآراء المختلفة ثم يذكر ما يقول به هو.[167]وكتب كذلك بعض الكتب المتخصصة بالفقه ولكنها ما زالت مخطوطة لم تُطبع، ومنها: "أسرار تكبيرات الصلاة"، "أسرار الوضوء وأركانه"، "جامع الأحكام فيما يتعلق بالحلال والحرام"، "حجة الوداع"، "كتاب الحكم والشرائع"، "رسالة الاستخارة"، "رسالة في أصول الفقه"، "رسالة في الصلاة"، "المحجّة البيضاء في الأحكام الشرعية".

ولقد ذم الشيخ الأكبر بعض أصناف الفقهاء، من غير تحديد أي اسم معيّن، ولكنه أكّد أنه لا يقصد سوى الفقهاء الذين غرّتهم الحياة الدنيا ولم يقصدوا من علومهم وجه الله تعالى بل قصدوا الشهرة والجاه لدى السلاطين كما كان حال أغلبهم.[168]وقد تمثّل ذلك أيضاً في بعض المنامات التي رآها أو رواها عن بعض الصالحين، فقال مثلا في كتاب المبشرات أن رجلا من الصالحين رأى فقهاء البلد الذي كان فيه قد اجتمعوا ودفنوا النبي صلّى الله عليه وسلّم وقد مات بينهم، فاستيقظ الرجل فسأل فوجدهم في مسألة من الحج قد أُبينت لهم الأحاديث الصحيحة التي لا مَطعن فيها فأبوا قبولها وحكموا في المسألة بالرأي وقالوا مذاهب قد استقرت يريد هذا المنازع أن يردها بهذه الأحاديث فتعصبوا عليه.[169]