4.1.5 - مرّاكُش (597/1200)
ثم تابع الشيخ محي الدين ابن العربي رضي الله عنه طريقه إلى مرّاكش، ويبدو أنه بقي فيها عدة شهور لأنه دخلها بعدما قدم من أبجيسل وكانت السنة الهجرية في أولها ثم سنجده يقضي شهر رمضان في مدينة بجاية قريبا من تونس، ولكن من المحتمل أيضاً أن يكون قد قضى هذه الشهور في مدينة فاس وهي المكان المفضّل عنده في المغرب.
كانت مراكش عاصمة المغرب، وهي تقع في وسط البلاد إلى الجنوب من الدار البيضاء حاليا. يعود تاريخها إلى بداية قيام دولة المرابطين (440-540 هـ) حيث كانت بلاد المغرب الأقصى ذات أراض واسعة من غير أية مراكز حضارية مهمة، وكانت تُعرف ببلاد السوس. وقد بدأ أمير المرابطين أبو بكر بن عمر في بناء مراكش عام 451/1060، وأتمها يوسف بن تاشفين الذي تولى رئاسة المرابطين، وما كاد بناء هذه المدينة يتم حتى تحولت إلى مركز من مراكز الحضارة الإسلامية خاصة مع سيطرة المرابطين على الأندلس بعد أن أزاحوا المعتمد بن عباد من إشبيلية واسترجعوا الكثير من بلدان الأندلس من الإسبان وأحكموا سيطرتهم عليها كما رأينا في الفصل الأول. وقد تطورت مراكش بشكل سريع خلال عصر المرابطين فأُنشئت فيها المساجد والأسواق، وقد اعتمدت في الحصول على حاجتها من الماء على مجارٍ تحت الأرض أنشأها عرب أندلسيون. وظلّت مدينة مراكش معسكراً حربياً، وقاعدةً عسكريةً لقوات المرابطين إلى أن حاصرتها قوات الموحدين بقيادة عبد المؤمن بن علي عام 541/1147، فأصبحت عاصمة لهم.