شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

2.3.3 - المريد والمراد

فإذاً هناك في طريق الله مريد ومراد، فالمريد هو الذي يسعى جاهدا في طاعة الله ويزكّي نفسه ويحلّيها بالأخلاق الحسنة ويخلّي قلبه من أي تعلق في الدنيا حتى يستطيع أن يستقبل التجلّي الإلهي؛ أما المراد فهو شخص وفّقه الله وهيّأه للفتح من غير جهاد ولا تعب. ففي خلال أجوبته على أسئلة الترمذي يفصّل الشيخ محي الدين معنى المريد والمراد والفرق بينهما فيقول:

فان قلت وما المراد وما المريد؟ قلنا المراد عبارة عن المجذوب عن إرادته مع تهيّؤ الأمر له فجاوز الرسوم كلها والمقامات من غير مكابدة، وأما المريد فهو المتجرّد عن إرادته، وقال أبو حامد هو الذي صحّ له الأسماء ودخل في جملة المنقطعين إلى الله بالاسم. وأما المريد عندنا فنطلقه على شخصين لحالين: الواحد من سلك الطريق بمكابدة ومشاقّ ولم تصرفه تلك المشاقّ عن طريقه، والآخر من تنفُذُ إرادته في الأشياء وهذا هو المتحقق بالإرادة لا المراد.[143]

ثم قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات في الباب السابع والعشرين ومائتان (في معرفة حال المراد) إن المراد في اصطلاح القوم هو المجذوب عن إرادته مع تهيّؤ الأمور، فهو يجاوز الرسوم والمقامات من غير مشقّة بل بتلذّذ وحلاوة وطيب تهوّن عليه الصعاب وشدائد الأمور، وأنشد:[144]

إن المُراد هو المجذوب بالحـال|يُمشى به وهو في بيضاءَ في دعَةٍ|عناية منه والرحمـن يحـرسـه

في كل حالٍ على حلٍّ وترحـال|على المقامات من حال إلى حال|بعينه فهو في نُعمـى وإقـبـال

أما عن المريد فقال في الباب الثامن والعشرين ومائتان (في حال المريد) أن لفظة المريد عند المحققين من أهل الله تُطلق بإزاء المنقطع إلى الله المؤثِر جناب الله الساعي في محابّ الله ومراضيه، وقد يطلقونها بإزاء المتجرّد عن إرادته.[145]