شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

2.3.2 - الفتح

يُقصد بالفتح العلوم والمعارف الذوقية التي تنكشف للعبد السالك في طريق الله تعالى، وذلك بخلاف العلوم التي تأتي عن طريق التفكّر أو الخبر وهو ما يسمّى العقل والنقل. وبذلك فإن الفتح هو بمثابة فتح عين البصيرة بحيث يبدأ العبد إدراك العالم الروحاني الباطن ببصيرته كما يدرك الناسُ العالم الظاهر ببصرهم.

يقول الشيخ الأكبر في الباب السادس عشر ومائتين من الفتوحات المكية "في معرفة الفتوح وأسراره" أن الفتوح على ثلاثة أنواع: الأول فتوح العبارة في الظاهر وسببه إخلاص القصد، والثاني هو فتوح الحلاوة في الباطن وهو سبب جذب الحق بأعطافه، وأما النوع الثالث فهو فتوح المكاشفة بالحق وهو سبب المعرفة بالحق. والأمر الجامع لذلك كله أن كل أمر جاءك من غير تعمّل ولا استشراف ولا طلب فهو فتوح ظاهراً كان أو باطناً، وله علامة في الذائق الفتوح وهي عدم الأخذ من فتوح الغير أو نتائج الفكر؛ ومن شرط الفتوح أن لا يصحبه فكر ولا يكون نتيجة فكر. كان الشيخ أبو مدين يقول في الفتوح: "أطعمونا لحماً طرياً لا تطعمونا القديد" أي لا تنقلوا إلينا من الفتوح إلا ما يُفتح به عليكم في قلوبكم لا تنقلوا إلينا فتوح غيركم.[141]

ثم قال الشيخ الأكبر في نفس الباب إن الفتح الإلهي على نوعين: فتح عن قرع، وفتح ابتداءً لا عن قرع، وهو المطلوب عند القوم؛ أي أن الفتح الذي لا يكون نتيجةً متوقعة لعمل هو الفتح الصحيح مع أن العمل بطبيعته يطلب الفتح ولكن يجب على العبد أن لا ينتظر الفتح جزاءً على عمله وإلا فقد يكون ذلك الفتح استدراجا.[142]