شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

2.2.22.1 - القبض على الشيخ القطّان

ويروي الشيخ محي الدين أن السلطان بعث إلى عبد الله القطان مرة أعوانه ليقتلوه فأخذه الأعوان ودخلوا به على الوزير فأقعد بين يديه. فقال له الشيخ القطان: يا ظالم يا عدو الله وعدو نفسه، فيما وجّهت؟ فقال الوزير: قد أمكن الله منك، ما تعيش بعد هذا أبدا! فقال له الشيخ: لا تقرّبُ أجلاً ولا تدفع مقدوراً، كلُّ ذلك لا يكون، وأنا والله أشهد جنازتك. فقال الوزير لوزعته: اسجنوه حتى أشاور السلطان في قتله. فسُجن تلك الليلة فانصرف وهو يقول: عجباً لم يزل المؤمن في سجن وإنما هذا بيت من بيوت السجن. فلمّا كان في اليوم الثاني جلس السلطان وأخبره الوزير بقصّة الشيخ وكلامه فأمر به فحضر بين يديه فرأى رجلا دميم الخِلقة لا يُؤبه له وما أحدٌ من أهل الدنيا يريد له خيراً وهذا كلّه لقوله الحق وإظهار معايبهم وما هم عليه من الجور والفساد. فقال له السلطان بعدما سأله عن اسمه ونسبه: أتحفظ توحيدك؟ فتلا عليه من القرآن بتقاسيمه فتعجّب الملك وانبسط له إلى أن دخل معه في المملكة وشأنها، فقال له السلطان ما تقول في ملكي هذا؟ فضحك! فقال له مم تضحك؟ فقال منك؛ تسمّي الزمان الذي أنت فيه مُلكاً وتسمي نفسك مَلِكاً! أنت كمن قال الله تعالى فيه [b]((...وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا [79]))[/b][الكهف]. إنما كان الملك اليوم الذي يصْلَى اليوم بنارها ويجزي بها، وأما أنت فرجل عُجنت لك خبزة وقيل لك كُلها. ثم أغلظ عليه في القول بكل ما يكرهه ويغيظه وفي المجلس الوزراء والفقهاء، فسكت السلطان وخجل وقال: هذا رجل موفّق! وسأله أن يجلس معهم، فقال الشيخ القطّان: لا، فإن مجلسك مغضوب ودارك التي تسكنها أخذتموها بغير حقّ ولولا أني مجبور ما دخلت هنا؛ حال الله بيني وبينك وبين أمثالك. فأمر له السلطان بأعطية وعفاه في نفسه؛ فردّ له الأعطية وقبل العفو وخرج. فأمر السلطان أن تدفع إلى أهله.

ثم يقول الشيخ محي الدين أنه ما مضى زمن قليل إلا والوزير قد مات وخرج أبو محمد وحضر جنازته وقال: بررت في قسمي. ويقول ابن العربي أيضاً أنه كان يصيح ويرفع صوته أمام أرباب الدولة ويقول: هؤلاء الفجّار بغوا في الأرض[b]((...عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [161] خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ [162]))[/b][البقرة].[130]