شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

4.4.3 - تاريخ مكة المكرمة والمسجد الحرام

بعد ذلك رجع رسول الله سيدنا إبراهيم عليه السلام إلى مكة المكرمة وكان هو وولده النبي إسماعيل عليهما السلام أول من رفعا القواعد من البيت الحرام بأمر من الله عز وجل. يقول الله تعالى في سورة البقرة: [b]((وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [127]))[/b]، ومع انتشار الدين الحنيفي بدأ الناس يتوافدون إلى الحج تلبية لنداء إبراهيم الخليل الذي قال له الله تعالى كما ورد في سورة الحج: [b]((وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ [27]))[/b].

في أواخر القرن الثالث الميلادي تولّت قبيلة خزاعة بزعامة ربيعة بن الحارث زعامة مكة، وجاء بعده عمرو بن لحي الخزاعي الذي بدّل دين إبراهيم عليه السلام وأحضرت الأوثان إلى الكعبة وصار الناس يعبدونها. ثم انتقلت الزعامة إلى قريش الذين استمروا في عبادة الأصنام، وتركوا الدين الحنيف.

وفي سنة 571 ميلادية، قدم أبرهة الأشرم إلى مكة بجيش كبير مدجّجٍ بالأسلحة ومحمولٍ على الفيلة يريد هدم البيت الحرام، وسمي ذلك العام بعام الفيل وهي السنة التي ولد فيها سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم. ولكن الله عزّ وجلّ حمى بيته بأن أرسل على أصحاب الفيل طيراً أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول، كما ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم في سورة الفيل.

وما هي إلا سنوات حتى ظهر الرسول صلّى الله عليه وسلّم برسالة الإسلام، فحاربوه وهجّروه وقامت حروب كثيرة معروفة انتهت بفتح مكة وبدأ الإسلام ينتشر في أرض الجزيرة ثم توسّع إلى بلاد الشام في عهد الخلفاء الراشدين وبدَء المسلمون يتوافدون إلى مكة المكرمة من أجل قضاء فريضة الحج، وأصبح المسجد الحرام يزدحم بالمسلمين فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه بتوسعته للمرة الأولى ثم قام الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه بتجديده وتوسعته مرة أخرى.

بعد ذلك جاء الأمويون وقاموا أيضاً بتوسعة المسجد الحرام وزخرفته، وجاء من بعدهم العباسيون الذين ضاعفوا مساحة الحرم واهتموا بتطويره من الناحية الجمالية والعمرانية وشجّعوا العلماء وحلقات الدروس التي كانت تقام في الحرم الشريف.

ومع بدء انهيار الدولة العباسية وضعفها خضعت مكة لحكم عدد من الطوائف كالقرامطة والإخشيديين ثم الأشراف الموسويين ثم السليمانيين ثم الهواشم الذين استمر حكمهم إلى سنة 597/1200،[557]وذلك قُبيل قدوم الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي إلى مكة المكرمة.

كان بنو قتادة يسكنون البادية فلمّا كثر عددهم سار بهم قتادة إلى ينبع فاحتلها، ثم تطلّع إلى إمارة مكة المكرمة فسار إليها بجيش كبير فاستولى عليها وأجلى منها بني هاشم سنة 597/1200 وظلت هذه الطبقة في الحكم نحو سبعة قرون و نصف إلى أن أجلاهم السعوديون عنها سنة 1343/1924، الذين قاموا أيضاً بتوسعات كبيرة في الحرم الشريف وخاصة في العقود الأخيرة.

وقتادة هو الشريف قتادة بن إدريس الينبعي المكي ويكنى أبا عزيز وكان يسكن في العلقمية من ينبع، وأصبح في قومه رئيساً، فجمعهم وحارب الأشراف بني حراب لِما بلغه من انهماكهم في اللهو والظلم. وكان قتادة مهيباً وقوراً قويَّ النفس شجاعاً مِقداماً. يذكر ابن الأثير أنه كان أول ملكه حسن السيرة، فقد أزال عن مكة العبيد المفسدين وحمى البلاد وأحسن إلى الحجاج وأكرمهم، إلا أنه بعد ذلك وفي آخر أيامه ساءت سيرته وتوفي في سنة 617/1220 أو 618/1221، والله أعلم.[558]