شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

4.4.2 - مكة المكرمة (موسم الحج 598/1202)

وها هو أخيراً يصل إلى مكة المكرمة، أرض الخير والبركات، التي تعادل الصلاة في حرمها مئة ألف من الصلوات، لفضل البيت المبارك الشريف محلّ البركات والهدى والآيات البينات.

وسوف تكون مكة المكرمة من أهم المحطات في حياة الشيخ الأكبر بالإضافة إلى دمشق، ففي مكة سيبدأ الشيخ محي الدين بكتابة كتابه الشهير الفتوحات المكية الذي سوف ينهيه بدمشق بعد حوالي ثلاثين سنة. وفي مكة أيضاً سيكتب الشيخ محي الدين ترجمان الأشواق الذي يعدّ من أفضل ما قيل في شعر الغزل والذي يحمل بالإضافة إلى ذلك معانٍ روحية سامية تفضّل الشيخ رضي الله عنه وبيّنها لاحقاً في كتاب ذخائر الأعلاق في شرح ترجمان الأشواق. ومن مكة أيضاً سيكتب الشيخ محي الدين رسالة مهمة إلى شيخه عبد العزيز المهدوي الذي تركه في تونس والتي لا بدّ لأي باحث في حياة الشيخ الأكبر أن يستعين بهذه الرسالة المهمة التي ذكر فيها الشيخ رضي الله عنه عدداً كبيراً من الشيوخ الذين عاشرهم واستفاد منهم في طريق الله تعالى، وهي رسالة "روح القدس" التي ذكرناها كثيرا. وأيضاً في مكة كتب الشيخ محي الدين كتابا مشابها لروح القدس هذا سمّاه الدرّة الفاخرة فيمن انتفعت بهم في طريق الآخرة، ولم يتيسّر لهذا الكتاب أن يُنشر حتى الآن إلا أن أسين بلاثيوس ترجم أجزاءً منه إلى الإسبانية وكذلك نشرت منه أجزاء باللغة الإنكليزية في كتاب "متصوفو الأندلس".[555]

ولكن الأهم من جميع ذلك أنه في مكة المكرمة سوف يتأكد للشيخ محي الدين ما بُشّر به منذ حوالي عشر سنوات في إشبيلية ثم في تونس سنة 590 ثم في فاس سنة 594/595 من أنه هو ختم الولاية المحمدية، حيث يبشّره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن فيه شعرة منه وكفى بذلك فضلاً وشرفاً عظيماً، يضاف إلى ذلك الرؤيا التي سيراها أنه كان بمثابة لبنتي الفضة والذهب اللتان أكملتا بناء الكعبة المشرّفة كما سنروي بعد قليل.