4.4.1 - المدينة المنورة (موسم الحج 598/1202)
من القدس ذهب الشيخ محي الدين إلى المدينة المنورة لزيارة النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم قبل أن يذهب إلى مكة المكرمة ليقضي مناسك الحج، وليقيم هناك لمدة تزيد عن سنتين. فإنه وإن كانت مكة أعظم في الفضل كما سنرى بعد قليل، فقد ثبت في الحديث عن النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: "صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا، خَيْرٌ مِنْ ألفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلاَّ المَسْجِدِ الحَرَامَ".[554]من أجل ذلك نجد أن الشيخ محي الدين رضي الله عنه سيزور المدينة كلما قصد الحج وربما كلما رحل عن مكة إلى بلاد الشام أو العراق، حيث تمر معظم قوافل الحج من المدينة المنورة.
في الحقيقة يقول الشيخ محي الدين لصاحبه عبد العزيز المهدوي في رسالة روح القدس يصف له هذه الأسفار فيقول: "وخرجت إلى القدس الشريف ومشيت إلى مكة شرفها الله تعالى". فربما يكون ذلك تصريح بأن ابن العربي ذهب من القدس الشريف إلى مكة المكرّمة (عن طريق المدينة المنوّرة) مشياً على الأقدام، كما فعل في تونس حين ذهب إلى شيخه أبي عبد الله بن خميس الكناني حين زاره حافيا على قدميه في شدة الحرّ كما رأينا في الفصل الثالث. ولكن من جهة أخرى فربما لا يقصد الشيخ الأكبر المعنى الحرفي لهذا الوصف.