شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

3.6.1 - شيء من الفكاهة (إشبيلية 592/1196)

ولما رجع الشيخ محي الدين إلى إشبيلية سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة يقول إنه بات ليلة عند أبي الحسين بن أبي عمرو بن الطفيل وكان يحتشمه ويلتزم الأدب بحضوره وبات معهم أبو القاسم الخطيب وأبو بكر ابن سام وأبو الحكم بن السرّاج، فلما رأى الشيخ محي الدين أن شدّة احترامهم له قد منعتهم من الانبساط فالتزموا الأدب والسكون، أراد رضي الله عنه أن يعمل الحيلة في مباسطتهم، وكان أن سأله صاحب المنزل أن يقف على شيء من كلامه ليستفيدوا من علمه، فوجد الشيخ طريقاً إلى ما كان في نفسه من مباسطتهم فقال له: عليك من تصانيفنا بكتاب سميناه "الإرشاد في خرق الأدب المعتاد" فإن شئت عرضت عليك فصلاً من فصوله؟ فقال له صاحب الدار: أشتهي ذلك. فمدّ الشيخ رجله في حجره وقال له: "كبّسني"، فحينئذ فهم الجماعة قصده فانبسطوا وزال ما كان بهم من الانقباض والوحشة وباتوا بأنعم ليلة في مباسطة دينية، كما يروي الشيخ الأكبر رضي الله عنه.[435]

وطبعا لم يكن لدى الشيخ أي مصنف يتحدث عن خرق الأدب، إنما أراد أن يوضّح للجماعة أن الوقت وقت انبساط وليس وقت انقباض لأنهم ليسوا في مجلس علم ولا في وقت عمل، وإنما كانوا يستعدّون للنوم بعد يوم طويل فلا بدّ من رفع الكلفة والوحشة وترك الأحاديث الرسمية جانبا. ولكن هذه الحيلة التي أتى بها الشيخ محي الدين رضي الله عنه عندما ذكر اسم هذا الكتاب الغريب قد انطلت في بداية الأمر على صاحب الدار وكادت تنطلي أيضاً على الباحث عثمان يحيى رحمه الله الذي أمضى الكثير من عمره في دراسة الشيخ محي الدين وجمع كتبه ومؤلفاته، ولكنه لا شكّ لم يجد مثل هذا الكتاب إلا أنه صنّفه ضمن الكتب التي ألّفها الشيخ محي الدين وذكرها في كتبه وعدّه من ضمن المصنفات الـ 317 التي ذكرها الشيخ الأكبر لنفسه،[436]ولكنه عاد وذكر داخل كتابه أن قراءة الفقرة التي ذكر الشيخ فيها هذا الكتاب توحي بأن هذا الكتاب وهمي ولا حقيقة له.[437]