شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

3.5.8 - رسالة تهذيب الأخلاق (591/1194)

وفي هذه السنة قام الشيخ محي الدين ابن العربي بتأليف كتاب لطيف صغير الجرم كبير الفائدة وسمّاه "تهذيب الأخلاق"، ويقسم فيه الشيخ محي الدين رضي الله عنه هذا الكتاب إلى ثمانية أقسام، حيث عرض في الفقرة الأول والثاني الأخلاق المذمومة ثم الأخلاق المحمودة، خصّص الأقسام الثلاثة التالية إلى توضيح أنواع النفوس التي تصدر عنها هذه الأخلاق المختلفة وهي النفس الشهوانية المسؤولة عن الملذات التي يسعى وراءها الإنسان من طعام وشراب وجماع، وهذه أمور يشترك بها الإنسان والحيوان؛ فمن ملكته نفسه الشهوانية كان أشبه بالبهائم منه بالناس فيقلّ حياؤه ويسعى وراء أصحاب الفجور ويهرب من أهل العلم. وأما من ملك نفسه الشهوانية فيصبح عفيفا شريفا ضابطا لنفسه. وأما النفس الغضبية فهي أيضاً مشتركة بين الإنسان والحيوان وهي تدعو صاحبها للغضب والدفاع عن نفسه وممتلكاته وتدعوه إلى حب الرئاسة والغلبة، وهي أقوى وأضرّ من النفس الشهوانية إذا ملكت صاحبها.

وأما النفس الثالثة التي تميّز بها الإنسان عن سائر الحيوانات فهي التي يكون بها الفكر والفهم والتمييز، ومع ذلك فإن لها فضائل ورذائل فمن فضائلها التحكم بالنفس الشهوانية والنفس الغضبية وهي تدعو الإنسان لاكتساب العلوم والسعي وراءها. وأما رذائلها فهي الخبث والحيلة والخديعة والمكر والحسد والرياء.

وبعد ذلك سرد الشيخ محي الدين في الفقرة السادس أنواع الأخلاق المختلفة وبيّن حدودها ومذمومها من محمودها، مثل العفة والقناعة والحلم والوقار والود والرحمة والوفاء وأداء الأمانة وكتمان السر والتواضع والبِشر والصدق والسخاء والشجاعة والمنازعة والهمة والحميّة والعدل والفجور والشرَه والتبذل والسفه والخرق، وهو كثرة الكلام، والقحة، وهو قلة الاحتشام، والعشق والقساوة والتهاون والغدر والخيانة وإفشاء السر والكبر والعبوس والكذب والخبث والبخل والجبن والحسد والجزع والجور إلى ما هنالك من الصفات.

ثم خصّص الشيخ رضي الله عنه القسمين الآخرين لتوضيح طريق تحصيل الأخلاق الحميدة والتعوّد عليها، ثم ذكر أوصاف الإنسان التام الجامع لمحاسن الأخلاق وكيف يمكن أن يصل الإنسان إلى هذه المرتبة.

فكان الكتاب كما قلنا صغيرا في الجرم عظيما في الفائدة،[410]ولكن تجدر الإشارة هنا إلى أن بعض الباحثين يرون أن كتاب الأخلاق الذي كتبه ابن العربي ليس هو هذا الكتاب المعروف والمطبوع الذي لخصناه هنا.