شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

2.3.7 - محاسبة النفس وتقييد الخواطر في دفتر

إن التصوّف يعتمد كما رأينا بشكل أساسي على تصفية القلب وتزكية النفس، وهذا أمر ليس من السهولة بمكان بل يتطلّب الكثير من الجهد والمراقبة والمتابعة والشدّة. ومن ضمن الوسائل المتبعة لتزكية النفس ومراقبتها ومحاسبتها على أفعالها تقييد الخواطر التي تخطر على القلب حتى يستطيع الإنسان تقويم نفسه فيحارب الخواطر الضارّة ويثابر على الخواطر النافعة. ولقد تكلمنا عن أنواع الخواطر وكيفية ورودها على القلب وكيفية التمييز بينها في كتاب سلوك القلب،[157]كما بيّنها الشيخ محي الدين في الباب الخامس والخمسين والباب الرابع والستين ومائتين من الفتوحات المكية.

لقد ذكر الشيخ محي الدين ابن العربي أنّ بعض أشياخه كانوا يحاسبون أنفسهم على ما يتكلمون به وما يفعلونه ويقيّدونه في دفتر فإذا كان بعد صلاة العشاء وخلوا في بيوتهم حاسبوا أنفسهم وأحضروا دفترهم ونظروا فيما صدر منهم في يومهم من قول وعمل وقابلوا كلّ عمل بما يستحقه؛ إن استحق استغفاراً استغفروا وإن استحق توبةً تابوا وإن استحق شكراً شكروا، إلى أن يفرغ ما كان منهم في ذلك اليوم وبعد ذلك ينامون. ويضيف الشيخ محي الدين أنه كان يفعل ذلك وزاد عليهم في هذا الباب بتقييد الخواطر؛ فكان يقيّد ما تحدثه به نفسه وما تهم به بالإضافة إلى كلامه وأفعاله. وكان يحاسب نفسه مثلهم في ذلك الوقت ويحضر الدفتر ويطالبها بجميع ما خطر لها وما حدّثت به نفسها وما ظهر للحس من ذلك من قول وعمل وما نوته في ذلك الخاطر والحديث؛ وبذلك قلّت عنده الخواطر والفضول إلا فيما يعنيه، فهذا من فائدة الاشتغال بالنية، وهو ذو فائدة عظيمة ولكن يغفل أكثر أهل الطريق عن ذلك وهو راجع إلى مراعاة الأنفاس وهي عزيزة.[158]وأصل هذا العمل هو في الحقيقة من أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في قوله: حاسبوا أنفسكم.[159]