4.1.11 - اتقوا النار ولو بشق تمرة
وحول موضوع أهمية الصدقة أيضاً يروي الشيخ محي الدين أنه جرى لبعض شيوخه من أهل الموازنة بالمغرب الأقصى أنّ السلطان رفع إليه في حقه أموراً يجب قتله بها، فأمر بإحضاره مقيداً وينادي في الناس أن يحضروا بأجمعهم حتى يسألهم عنه، وكان الناس فيه على كلمة واحدة في قتله والقول بما يوجب ذلك وزندقته. فمرّ الشيخ في طريقه برجل يبيع خبزاً فقال له أقرضني نصف قرصة فأقرضه فتصدق بها على شخص عابر، ثم حُمل وأُجلس في ذلك الجمع الأعظم والحاكم قد عزم عليه إن شهد فيه الناس بما ذُكر عنه أنه يقتله شرّ قتلة، وكان الحاكم من أبغض الناس فيه. فقال الحاكم: يا أهل مراكش هذا فلان ما تقولون فيه؟ فنطق الكل بلسان واحد: إنه عدلٌ رضيّ! فتعجب الحاكم، فقال له الشيخ لا تعجب فما هي هذه المسألة بعيدة؛ أيّ غضب أعظم غضبك أو غضب الله وغضب النار؟ قال غضب الله وغضب النار؟ قال وأيّ وقاية أعظم وَزناً وقدراً: نصف قرصة أو نصف تمرة؟ قال نصف قرصة. قال: دفعت غضبك وغضب هذا الجمع بنصف رغيف لمّا سمعت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول "اتقوا النار ولو بشق تمرة"،[527]وقال: "إن الصدقة لتطفىء غضب الرب وتدفع ميتة السوء"،[528]وقد فعل الله ذلك؛ دفع عنّي شرّكم وميتة السوء بنصف رغيف مع حقارتكم وعظم صدقتي فإن صدقتي أعظم من شق تمرة وغضبكم أقل من غضب النار وغضب الرب. فتعجب الحاضرون من قوّة إيمانه.[529]