الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي من أعظم الشخصيات الصوفية المشهورة في القرون الوسطى، وهو واحد من أكثر المؤلفين تأثيرًا في التاريخ الإسلامي. كان لكتاباته تأثير عميق على العديد من المثقفين والصوفيين في الحضارة الإسلامية عبر القرون التي تلته، وقد جذبت مؤخرًا اهتمامًا واسعًا في العالم الغربي.
ولد الشيخ الأكبر في مرسية، شرقي الأندلس، سنة 560 للهجرة، 1165 للميلاد، لعائلة مرموقة ومقربة من الحكام والأمراء. وعندما كان في الثامنة من عمره، انتقلوا إلى إشبيلية، وبعد حوالي عشر سنوات في عاصمة دولة الموحدين الجديدة، دخل الطريق (الصوفية) وما لبث أن ذاع صيته واشتهر بين جميع العلماء البارزين بآرائه الفريدة والعميقة فيما يتعلق بالقضايا الدينية والنظريات اللاهوتية الأساسية.
سافر ابن العربي في جميع أنحاء الأندلس والمغرب وبينهما، لأكثر من عقدين، قبل أن يأتيه الأمر الإلهي في الرؤيا للذهاب إلى المشرق، ثم استقرّ هناك ولم يعد بعدها إلى المغرب أبداً. وفي أثناء ترحاله، زار مصر وفلسطين وشبه الجزيرة العربية وبلاد الشام والعراق والأناضول، قبل أن يستقر به الأمر أخيراً في دمشق سنة 620 هـ / 1224 م.
جلبت له أعماله العديدة والمميزة شهرة واسعة، حتى صار يُطلق عليه لقب محي الدين والشيخ الأكبر. وقد توفي في دمشق سنة 638 هـ / 1240 م، عن عمر ناهز 78 سنة.
يعد الفتوحات المكية من أكبر مؤلفاته وأعظمها تأثيراً، إضافة إلى فصوص الحكم الذي يحوي بين دفتيه معارف عميقة وحكماً لا يُدرك مداها. إضافة إلى ذلك، فقد كتب الشيخ الأكبر عدة مئات من الأعمال الأخرى، منها: عنقاء مغرب، التجليات الإلهية، ترجمان الأشواق، مشاهد الأسرار القدسية، مواقع النجوم، عقلة المستوفز، إنشاء الدوائر، التدبيرات الإلهية، والعديد من الرسائل.