شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

2.2.20.1 - أبو عبد الله محمد الخياط

وقد تأثر ابن العربي بشكل خاص بالشيخ محمد الخياط كثيراً كما يذكر ذلك في كتاب روح القدس وهو يذكر إخوانه الذين عاشرهم واستفاد منهم، فيقول عنه أنه رجع إلى الطريق قبل أخيه بزمن طويل وكانت له والدة وكان بارّاً بها، رضي الله عنه، ولزم خدمتها حتى ماتت. وقد غلب عليه الخوف حتى إنه إذا صلّى سُمع لقلبه دويٌّ على بعد. وكان سريع الدمعة، غزيرها، طويل الصمت، دائم الحزن، كثير الفكرة، شديد التأوّه، لا تراه أبداً إلا مُطرقاً ضارباً بعينه الأرض، لا يمازح أحداً ولا يعاشره، بريءٌ من المداهنة، قويٌّ في المناصحة، لا يستحي في الحق من أحد، ولا تأخذه في الله لومة لائم، لا يُداري ولا يُماري، ابتلي بالفقر والضرّاء فصبر، له شأن عجيب وهمّة رفيعة.

ثم يضيف الشيخ الأكبر فيقول:

كنت أتعشق به وأنا صغير وكان إذا دخل المسجد هابه كلُّ من رآه؛ ما عاينته قطّ يكلّم أحداً مبتدئا، ولا يجيب إذا تكلم إلا في ضرورة. يحفظ دينه حفظا ما تمنّيت من كلّ من رأيت أن أكون مثله إلا هو. وآخيته لما رجعت إلى هذه الطريقة وفرح بي ولازمته وانتفعت بآدابه وأخذت من خُلقه؛ كان يحتمل الأذى ويكفّ جفاه. (كان) صدوقَ الرؤيا، كثيرَ النجوى، ليلهُ قائم ونهارهُ صائم، لا تجده فارغاً قط، يحبّ العلم وأهله.[102]

فمن الواضح أن الشيخ محمد الخياط كان له تأثيرٌ كبيرٌ على الشيخ محي الدين، وربما هو من دعاه مع أخيه أحمد أبي العباس إلى طريق التصوّف فلبّوا وكانوا مجموعةً إخواناً في الله، ويقول الشيخ محي الدين أنهم كانوا يجتمعون هو ومحمد الخياط وأخوه أحمد وشخص رابع لا يذكره، ولكن ربما يكون هذا الشخص الرابع هو الشيخ أبو جعفر العريبي الذي تربّى الشيخ محي الدين على يديه، كما سنرى أدناه، وكان العريبي يزور محمداً الخياط في بيته والتقى مع محمد ابن العربي هناك. فيذكر الشيخ محي الدين هذه الأيام عندما كان يكتب رسالة روح القدس في مكة سنة 600/1203 ويقول إنه كان مع هذه المجموعة على السواء في كل ما يُفتح به عليهم وأنه لم ير أيّاما قط في عمره أحسن من تلك الأيّام.[103]