شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

4.6.15 - لبنتي الفضة والذهب في حائط الكعبة (مكة، 599/1203)

لقد رأينا من قبل كيف توالت الرؤى والمبشّرات على الشيخ محي أنه هو خاتم الولاية المحمدية، ولكنه رضي الله عنه ما كان يفرض لنفسه هذا المنصب العظيم قبل أن يتأكد له ذلك. فمنذ أن رأى الرسل والأنبياء في قرطبة سنة 586 والمبشرات تتوالى عليه، في تونس وفي فاس، وفي مكة أيضاً حيث رأى مناما أوّلَه على أنه سيكون هو خاتم الأولياء.

يقول الشيخ محي الدين أنه رأى رؤيا لنفسه أخذها بشرى من الله لأنها مطابقة لحديث نبويّ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين ضرب لنا مثله في الأنبياء عليهم السلام فقال صلّى الله عليه وسلّم: مثلي في الأنبياء كمثل رجل بنى حائطا فأكمله إلا لبنة واحدة فكنت أنا تلك اللبنة، فلا رسول بعدي ولا نبيّ.[619]فشبه النبوةّ بالحائط والأنبياء باللُّبن التي قام بها هذا الحائط، وهو تشبيه في غاية الحسن فإنّ مسمى الحائط هنا المشار إليه لم يصح ظهوره إلا باللُّبن، فكان صلّى الله عليه وسلّم خاتم النبيين. ثم يروي الشيخ الأكبر الرؤيا فيقول:

كنت بمكة سنة تسع وتسعين وخمسمائة أرى فيما يرى النائم الكعبة مبنية بلبن فضة وذهب؛ لبنة فضة ولبنة ذهب، وقد كملت بالبناء وما بقي فيها شيء وأنا أنظر إليها وإلى حسنها فالتفتُّ إلى الوجه الذي بين الركن اليماني والشامي هو إلى الركن الشامي أقرب، فوجدت موضع لبنتين لبنة فضة ولبنة ذهب ينقص من الحائط في الصفّين في الصفّ الأعلى ينقص لبنة ذهب وفي الصف الذي يليه ينقص لبنة فضة فرأيت نفسي قد انطبعت في موضع تلك اللبنتين فكنت أنا عين تينك اللبنتين، وكمل الحائط ولم يبق في الكعبة شيء ينقص وأنا واقف أنظر واعلم أني واقف واعلم أني عين تينك اللبنتين لا أشك في ذلك وأنهما عين ذاتي واستيقظت فشكرت الله تعالى، وقلت متأوّلا أني في الأتباع في صنفي كرسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الأنبياء عليهم السلام، وعسى أن أكون ممن ختم الله الولاية بي وما ذلك على الله بعزيز، وذكرت حديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في ضربه المثل بالحائط وأنه كان تلك اللبنة.

ثم يقول ابن العربي أنه قصّ تلك الرؤيا على بعض العلماء بمكة من أهل توزر فأخبره في تأويلها بمثل ما وقع له، مع أنه كعادته لم يسمِّ له الرائي.[620]