شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

4.6.12 - الكعبة المشرّفة والحجر الأسود

ذكرنا أن الله سبحانه وتعالى أمرَ نبيه إبراهيم ونبيه إسماعيل عليهما السلام فرفعا القواعد من البيت الحرام، الذي هو الكعبة المشرّفة، ولكن بعض الروايات تفيد أن أوّل من بناها على الحقيقة هم الملائكة ثم آدم عليه السلام ثم أعيد بناؤها بعد ذلك عدداً من المرّات، ولمّا بنتها قريش قبل بعثة النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم اختلفوا فيمن يضع الحجر الأسود حتى كاد ينشب بينهم قتال بالسيوف، فقالوا: اجعلوا بينكم أوّل رجل يدخل من الباب، فدخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ فقالوا : هذا الأمين، فأمرَ النبيّ بثوبٍ فبسطه، ثم وضع الحجر فيه، ثم قال: ليأخذ من كلّ قبيلة رجل من ناحية الثوب، ثم رفعوه، ثم أخذه النبي صلّى الله عليه وسلّم فوضعه، وكان هذا قبل بعثته بخمس سنين.[613]

والحجر الأسود يقع في الركن الشرقي من الكعبة المشرّفة وهو يمين الله في الأرض يصافح بها عباده المؤمنين،[614]وهو حجرٌ ثقيل بيضاوي الشكل أسود اللون مائل إلى الحمرة، وقد ورد في الحديث أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال إن الحجر الأسود نزل من الجنّة أشدَّ بياضاً من اللبن فسوّدته خطايا بني آدم.[615]

ومن جهة أخرى يقال إن البقعة المباركة التي بُنيت عليها الكعبة هي مركز الأرض، ومنها دُحيَت الأرض. وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال‏:‏ لمّا أراد الله أن يخلق الخلق أرسل الريح فنسفت الماء حتى أبدَت عن حشفة، وهي التي تحت الكعبة، ثم مدّ الأرض حتى بلغت ما شاء الله من الطول والعرض، وكانت هكذا تميد، وقال بيده وهكذا وهكذا، فجعل الله الجبال رواسي أوتادَا، فكان أبو قبيس من أول جبل وضع في الأرض‏.‏[616]ولقد رأينا أعلاه كيف أن بعض الدراسات الحديثة أثبتت أن مكّة المكرّمة هي في مركز الأرض الجغرافي والمغناطيسي.

وكذلك لقد رأينا من قبل أن الشيخ محي الدين يعتبر في تصنيفه للأولياء في الباب الثالث والسبعين من الفتوحات المكية أنّ الأوتاد الأربعة هم الجبال وأنّ لهم الأركان الأربعة من الكعبة المشرّفة ثم يضيف أنّ ركن الحجر الأسود هو له بفضل الله تعالى.[617]وكذلك يربط الشيخ محي الدين أبعاد الكعبة بأمور روحانية فيقول إن ارتفاع البيت سبعة وعشرون ذراعاً وذراع التحجير الأعلى فهو ثمانية وعشرون ذراعاً، كل ذراع مقدار لأمرٍ مّا إلهي يعرفه أهل الكشف؛ فهي هذه المقادير نظير منازل القلب (والذي هو مثل القمر) التي تقطعها كواكب الإيمان السيّارة لإظهار حوادث تجري في النفس المضاهي لمنازل القمر والكواكب السيارة لإظهار الحوادث في العالم العنصري سواءً حرفاً حرفاً ومعنىً معنىً.[618]

وخلال وجوده في مكة وطوافه حول الكعبة كان للشيخ محي الدين أحوال كثيرة مع الكعبة المشرّفة وماءِ زمزم وكذلك التقى هناك مع أرواح من الملائكة وبعض الناس المعروفين الذين ماتوا منذ زمن مثل أحمد ابن هارون الرشيد وكذلك "الفتى الفائت" وهو الروح الذي أخذ منه جميع ما سطره في الفتوحات المكية.