شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

3.5.10 - الساقطون

وفي مدينة فاس أيضاً التقى الشيخ محي الدين برجل كان عليه كآبة كأنه يخدم في الأتون فسأل عنه أبا العباس الحصّار (توفي 579/1183)،[414]وكان من كبار الشيوخ، وقد رآه يجالسه ويحنّ إليه، فقال له أبو العباس هذا رجل كان في مقام فانحطّ عنه فكان في هذا المقام وكان من الحياء والانكسار بحالة أوجبت عليه السكوت عن كلام الخلق. فصار الشيخ محي الدين يلاطفه ويزيل عنه مرض تلك الزلّة ولم يزل به حتى سرى ذلك الدواء في أعضائه فأطلق محيّاه وفتح له في عين قلبه باباً إلى قبوله، ومع هذا فكان الحياء يستلزمه كما يقول عنه الشيخ الأكبر.[415]

ثم يذكر رضي الله عنه في الباب الحادي والخمسين وثلاثمائة في معرفة منزل اشتراك النفوس والأرواح أنه رأى بقونية في مشهد من المشاهد شخصاً إلهياً يقال له سقيط الرفرف ابن ساقط العرش ورأى أيضاً بفاس شخصاً كأنه يوقد في الأتون ممن سقط وصحبه ونفعه؛ فإن جماعة من أهل الله يُعرضون عن الساقطين وسبب ذلك أنهم ما بلغوا من معرفة الله بحيث أنهم يرونه عين كل شيء فلما حصروه صار عندهم كل من سقط من ذلك المقام الإلهي الذي عينوه أعرضوا عنه لبعده عندهم من الله تعالى، والعلماء بالله ما لهم حالة الإعراض عن هؤلاء لأنهم في حال الثبوت وحال السقوط ما خرجوا عن المقام الإلهي وإن خرجوا عن المقام السعادي فلا أثر للسقوط عندهم فهم مُقبلون على كل ساقط قبول رحمة أو قبول علم ومعرفة لأنهم علموا أين حصل لمّا سقط أو من هو الذي سقط، وقد رفع الله المؤاخذة عنهم وعمّن كانوا عنده؛ وهذا من أعظم العناية لمن عقل عن الله بهم، وهم لا يشعرون ولا يشعر بهم أي العلماء بالله تعالى وما تسقط من ورقة وهي ما تسقط إلا من خشية الله كما قال وإن منها لما يهبط من خشية الله والهبوط سقوط بسرعة عن غير اختيار والجبر الأصل فهذا حكم الأصل قد ظهر في الساقطين.[416]