شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

3.4.4 - موت أبيه وأمه رحمهما الله تعالى (590/1194)

بعد وصوله إلى إشبيلية توفي والد الشيخ محي الدين ابن العربي ووالدته رحمهما الله. لا نعرف على وجه التحديد متى حدث ذلك في سنة 590، إلا أن وفاة والده كان يوم الأربعاء وقت الظهر من السنة 590/1194، ولكننا لا نعرف أي شهر كان، ولكنّه لا شكّ في أواخر السنة لأنّ هذه السنة دخلت عليه وهو ما يزال في تونس.

ويذكر الشيخ محي الدين بعض الكرامات التي حدثت لوالده عند وفاته كان منها أنه أخبره عن موعد وفاته قبل حصوله وأنه ظهرت على جبينه بقعة بيضاء لها نور يتلألأ ثم انتشرت على جميع بدنه. ويبدو أن والد الشيخ محي الدين كان كذلك متحققا في عالم الأنفاس، وهي صفة ذكرناها من قبل عند الحديث عن عبد الله ابن العربي الطائي عمّ الشيخ الأكبر في الفصل الثاني، وكذلك عند الحديث عن أهل اليمن في شرح قصيدة الفصل الأول في آخره، ويقول الشيخ محي الدين أن مَن هذه صفته يصعب التحقق من موته من مجرّد النظر إليه لأنه يبدو وكأنه حيّ. فيقول في الباب الخامس والثلاثين من الفتوحات المكية، متذكرا يوم وفاة والده:

وقد رأيت ذلك لوالدي رحمه الله يكاد أنّا ما دفناه إلا على شك مما كان عليه في وجهه من صورة الأحياء ومما كان من سكون عروقه وانقطاع نفَسه من صورة الأموات، وكان قبل أن يموت بخمسة عشر يوما أخبرني بموته وأنه يموت يوم الأربعاء وكذلك كان. فلما كان يوم موته، وكان مريضاً شديد المرض، استوى قاعداً غير مستندٍ وقال لي: "يا ولدي اليوم يكون الرحيل واللقاء"، فقلت له: "كتب الله سلامتك في سفرك هذا، وبارك لك في لقائك." ففرح بذلك وقال لي: "جزاك الله يا ولدي عني خيراً؛ كلّ ما كنت أسمعه منك تقوله ولا أعرفه وربما كنتُ أنكر بعضه هو ذا أنا أشهده." ثم ظهرت على جبينه لمعة بيضاء تخالف لون جسده من غير سوء، لها نور يتلألأ، فشعر بها الوالد، ثم إن تلك اللمعة انتشرت على وجهه إلى أن عمّت بدنه؛ فقبّلته وودّعته وخرجت من عنده وقلت له: "أنا أسير إلى المسجد الجامع إلى أن يأتيني نعيك." فقال لي: "رُح ولا تترك أحداً يدخل عليّ"، وجمع أهله وبناته. فلما جاء الظهر جاءني نعيه، فجئت إليه فوجدته على حالة يشكُّ الناظر فيه بين الحياة والموت وعلى تلك الحالة دفنّاه، وكان له مشهد عظيم. فسبحان من يختص برحمته من يشاء. فصاحب هذا المقام حياته وموته سواء.[383]