شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

2.9.4 - الشيخ أبو عبد الله محمد بن قسوم

وكان من محبين الشيخ ابن المجاهد ومريديه فقرأ عليه حتى مات واستخلفه في موضعه فجرى على حالته وزاد فجمع بين العلم والعمل. كان مالكي المذهب قائلا بشرف العلم ومرتبته. صحبه الشيخ محي الدين وقرأ عليه وسمع منه. كان دعاؤه الذي يختم به أبدا: اللهم أسمعنا خيرا وأطلعنا خيرا، ورزقنا الله العافية وأدامها لنا، وجمع الله قلوبنا على التقوى ووفقنا لما يحبه ويرضاه، وخواتم البقرة. ولذلك التزم الشيخ محي الدين هذا الدعاء في مجالسه ثم رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم في المنام في الحرم وقارئ يقرأ عليه صحيح البخاري فلما فرغ دعا بهذا الدعاء.

يقول عنه الشيخ محي الدين أنه قسم ليله ونهاره بحيث إذا صلى الصبح ذكر الله حتى تطلع الشمس فيركع ركعتين ويدخل منزله فيأخذ كتبه ويخرج إلى الطلبة فيقرؤون العلم إلى ارتفاع النهار ويدخل منزله فإذا لم يكن صائما أخذ شيئا من الغداء وصلى ضحاه ونام يسيرا ثم يقوم فيسبغ الوضوء فإن كان له تقييد قيده وإلا ذكر الله فإذا جاء الظهر فتح المسجد وأذن ودخل مسجده يتنفل ويذكر الله إلى وقت دخول الصلاة متمكنا يخرج إلى أن يقيم الصلاة لا يتنفل، يتمايل في محرابه تمايل النشوان مما يجد في باطنه من الوجد بكلام الله، فإذا خرج وتنفل براتبة الظهر وأخذ المصحف ففتحه على ركبته ومشى بيديه على حروفه،[267] وعيناه في المصحف يرتل القرآن بحنان وتدبر حتى يتم خمسة أجزاء وقد حان العصر فيؤذن ويدخل مسجده ويتنفل حتى تجتمع الجماعة فيصلي بهم ثم يدخل منزله يذكر الله حتى يحين وقت المغرب فيخرج يؤذن ويصلي ويدخل فيجيء بين العشاءين حتى يجيء وقت العشاء أو قربها فيسرج القنديل في المسجد ويؤذن ويدخل منزله يتنفل حتى يجتمع الجماعة يخرج يصلي بهم ثم يغلق باب المسجد ويدخل منزله ويحاسب نفسه في حركاته وألفاظه وجميع ما يعلم أن الملك يقيده عليه فتكون حالته على حسب ما يجده في صحيفته، ثم يقوم إلى سريره فينام فإذا مضى من الليل جزء فإن كان أصاب أهله اغتسل ودخل مصلاه يترنم بالقرآن ويتلذذ به تارة في حضرة التوحيد وتارة في الجنة وتارة في الاعتبار وتارة في الأحكام بحسب ما تعطيه الآية حتى يصبح فيخرج من صلاته وقد اطلع على علوم كثيرة في تلاوته من الله تعالى لم تكن عنده فهّمه الله إياها من القرآن كما قال الله تعالى: (واتقوا الله ويعلمكم الله)، فإذا طلع الفجر فتح المسجد وأذن ودخل منزله فركع الفجر وقعد في منزله يذكر الله فإذا أسفر خرج فصلى بالناس. فهكذا كان ديدنه ودأبه.

ويقول عنه الشيخ محي الدين أيضاً أنه كان لا يتأدم في الجمعة إلا مرتين في ليلة الاثنين وليلة الجمعة، وكان سنيّ الحال والمقام كثير المعرفة قلّ أن يرى مثله. وكعادته جمع الشيخ محي الدين بينه وبين صاحبه عبد الله بدر الحبشي وصلى خلفه.[268]