شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

2.6.5.1 - مصاحبة فقهاء الدنيا

ثمّ إن الشيخ محي الدين يروي أنه بعد هذه الحادثة كان أبو الحسن ينظر بعين التعظيم للشيخ الموروري وأمثاله من أهل الله، فبعد ذلك رحل إلى المرية إلى شيخ كان بها يقال له أبو عبد الله الغزّال وهو من أصحاب ابن العرّيف من أقران أبي الربيع الكفيف وأبي النجا وعبد الرحيم وهذه الطبقة. فرآه وانتفع به ثم عاد إلى قرمونة فلم يزل يخدم الفقراء ويضيفهم ويتواضع لهم وكان الشيخ محي الدين يستحسن منه ذلك.

ولكن يقول الشيخ محي الدين أن أبا الحسن لمّا وصل إلى إشبيلية وصاحب الفقهاء وجالس الطلبة المكبّين على الدنيا وقرأ الفقه وأصوله وعلم الكلام وسكن إشبيلية وكان يعلّم بها القرآن، فأدّاه صحبة أولئك إلى تجهيل الفقراء الصادقين في أحوالهم ونبذهم. ومن أجل ذلك كان الشيخ محي الدين يذمّ الفقهاء ليس من أجل أنّهم فقهاء أو لنقلهم الفقه لأن شرف الفقه وعلم الشرع لا خفاء به ولكنه كان يذم من الفقهاء الصنف الذي تكالب على الدنيا وطلب الفقه للرياء والسمعة وابتغى به نظر الناس ليقال عنه ويُمدح،[252]ولازم المِراء والجدال وأخذ يردّ على أبناء الآخرة الذين اتقوا الله فعلّمهم من لدنه علما؛ فأخذ هذا الصنف من الفقهاء في الردّ عليهم في علم لا يعلمونه ولا عرفوا أصوله ولو سئلوا عن شرح لفظة مما اصطلح عليه علماء الآخرة ما عرفوها وكفى بهم جهلا.

فيروي الشيخ محي الدين أنه بعد ذلك وصل عبد الله الموروري إلى الشيخ محي الدين في إشبيلية فأرادوا أن يزوروا أبا الحسن في داره فقرع عليه الباب وكان معهم عبد الله بدر الحبشي، فلما قرعوا الباب على أبي الحسن قال مَن بالباب؟ فقال عبد الله الموروري جاء ليزورك، فسكت ساعة ثم خرج إليه ابنه وقال له هو مشغول، ثم قال له ما هو هنا. وهكذا انتهى بغضه في الفقراء من شؤم الفقهاء. ثم بعد ذلك كان أبو الحسن هذا كلما لقي الشيخ محي الدين يعاتبه على صحبتهم ويقول له مثلك من يصحبهم! فيقول له الشيخ محي الدين: مثلي لا يصلح أن يخدمهم فإنهم السادة.[253]