شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

5.1.12.1 - كتاب اليقين (الخليل، 14 شوال 602)

وفي أثناء وجوده في الخليل كتب ابن العربي كتاباً صغيراً عن اليقين حيث يقول في الباب الثاني والعشرين ومائة: "ولنا في اليقين جزء شريف وضعناه في مسجد اليقين مسجد إبراهيم الخليل في زيارتنا لوطاً عليه السلام".[707]

وقد ذكر الشيخ محي الدين في هذا الكتاب أن اليقين هو استقرار العلم في القلب بحيث لا يزول أبداً. ثم يضيف رضي الله عنه أن اليقين على أربعة أركان: علم، عين، حق، وحقيقة؛ فالثلاثة الأولى من القرآن الكريم والرابعة من قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لكل حق حقيقة"،[708]فهو مثل كلّ الأشياء الطبيعية قائم على التربيع، وذلك كان مطابق لنشأته الجسمانية المكونة من أربعة حروف (ي ق ي ن)، فيكون في المجموع ثمانية؛ أربعة جسمانية وأربعة روحانية أو غيبيّة، وذلك مثل العرش الذي يحمله يوم القيامة ثمانية واليوم أربعة، كما ورد في الحديث.[709]

فيقول الشيخ محي الدين أن أغلب الناس لا يعرفون من اليقين إلا الأربعة الأركان الجسمانية التي هي حروفه، وليس لهم قدم في المعاني الروحانية لليقين، وهي التي بها سار من سار على الماء وطار من طار في الهواء.

ثم شرع الشيخ محي الدين بتفصيل هذه الأركان الثمانية لليقين، وذكر معانيها وأسرارها بالرمز حيناً وحيناً مصرّحا. وذكر الشيخ رضي الله عنه في نهاية هذا الكتاب الصغير أن سبب تأليفه لهذا الكتاب أنه زار إبراهيم الخليل عليه السلام في مدينة الخليل ثم خرج من عنده قاصدا زيارة لوط عليه السلام هو وصاحبه الشيخ العارف الصوفي صاين الدين أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن عبد الملك بن مطوف المرّي وعفيف الدين أبو مروان عبد الملك بن محمد بن حفاظ القيسي، فمرّوا في طريقهم بمسجد اليقين موضع إبراهيم عليه السلام، فأقام الله بخاطره كتابة هذا الكتاب فاستخار الله تعالى ثم كتبه في ذلك الموضع يوم الأربعاء الرابع عشر من شوال سنة 602.

ثم يروي الشيخ الأكبر رضي الله عنه قصة تسمية هذا المسجد باسم مسجد اليقين وذلك أن الملائكة لمّا بشّرت إبراهيم عليه السلام بإسحاق تركته في ذلك الموضع ثم ذهبت إلى لوط لإهلاك قومه كما ورد في القرآن الكريم، وأخبرتْه أن لا يغادر هذا المكان حتى يأتي إليه لوط، فلم يزل في ذلك الموضع حتى أبصر مدائن قوم لوط في الهواء وسمع ضجيجهم، وهو قوله تعالى: ﴿فجعلنا عاليها سافلها﴾. فعندما أبصر ذلك سجد لله تعالى في هذا الموضع وقال: "أشهد أن هذا هو اليقين"، فسمي ذلك الموضع مسجدا لأنه موضع سجوده وسمي يقينا لقوله "هذا هو اليقين".

ثم يضيف الشيخ محي الدين أنه أنشأ هذا الكتاب في موضع سجود إبراهيم عليه السلام، ولذلك سمّاه "كتاب اليقين الذي أنشأته بمسجد اليقين".[710]