شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

3.7.8 - التحذير من القول بالاتحاد (فاس)

عندما يكون العبد قريبا من الله تعالى من كثرة النوافل والمقربات كما ذكر في الحديث القدسي الشهير الذي ذكرناه أعلاه أن الله يقول ما يزال العبد يتقرّب إليه بالنوافل حتى يحبّه، فإذا أحبه كان سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها.[454]فقد يُشكل على بعض من هذه حالهم فيظنون أنهم اتحدوا بالله تعالى أو أن الله سبحانه حلّ بهم، أو قد يصدر عن هؤلاء أقوال تصف حال قربهم الشديد من الله تعالى توحي للسامع بأنهم يقولون بالاتحاد أو بالحلول الذي لا يليق لجلال الله سبحانه. ومن هنا نجد الكثيرين من الذين ينتقدون أهل التصوف قد اتخذوا هذا المأخذ عليهم أساسا وبنو عليه، وهم في بعض الأحيان محقون لأن بعض أهل التصوف شطحوا في القول بما قد يخالف السنة.

ولكن الشيخ محي الدين ابن العربي رضي الله عنه قد نفى بشكل قطعي القول بالحلول أو الاتحاد، إذ قال صراحة: "من قال بالحلول فهو معلول وهو مرض لا دواء لدائه ولا طبيب يسعى في شفائه"،[455]وقال إن الحق سبحانه يتعالى عن الحلول في الأجسام،[456] وقال: "وما قال بالاتحاد إلا أهل الإلحاد"،[457]وغير ذلك مما سنناقشه في الفصل الأخير إن شاء الله تعالى.

وفي هذا السياق يقول الشيخ محي الدين في الباب التاسع والخمسين وخمسمائة وهو الباب ما قبل الأخير من الفتوحات المكية حيث لخص الشيخ رضي الله عنه جميع الأبواب السابقة. فقال على شكل سجع نعيد صياغته بما يناسب أنه دخل على بعض الشيوخ من أهل العناية بالرسوخ بمدينة فاس فأفاده علما بهذه المسألة وقال له احذر من الالتباس: الخلوة بالمحبوب هو المطلوب، والانفراد معه غاية الدعة، والخروج من الضيق إلى السعة، لا يفرح بهذا الانفراد إلا أهل المحبة والوداد، ما هو منفرد من هو بحبيبه متحد:

روحُه روحي وروحي روحُه

إن يشأ شِئتُ وإن شِئتُ يش

ثم قال: توحدت الإرادة بين الأحباب وإن تعددت الأعيان فإلى واحد المآب، الأمر عند أهل التحقيق في صادق وصديق، الصديقان يفترقان لأنهما مثلان، والمثلان ضدان، والضد مدافع فلا تنازع.[458]