شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

3.4.6 - تدهور الوضع الأمني في الأندلس

لقد ذكرنا في الفصل الأول كيف أن أمر النصارى الإسبان بدأ يستفحل في الأندلس حين انشغل السلطان يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بإخماد الثورات التي قامت ضده في أفريقية، فطمع بعض أقربائه الذين ولاّهم على إمارات الأندلس واختلفوا فيما بينهم وحاولوا الاستقلال بالحكم دونه. ولما أحسّ ألفونسو السادس (الأدفنش) بضعف المسلمين نقض الهدنة وخرجت جيوشه تعيث فساداً في الأندلس ووجّه كتاباً إلى السلطان يعقوب في مراكش يسخر بالمسلمين ويدعوه فيه إلى القتال، فأجابه السلطان يعقوب على ظهر الرقعة التي فيها كتابه، مبتدئا بقول سليمان عليه السلام كما قال الله تعالى في سورة النمل: [b](([/b]ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ[b] [37]))[/b] ثم قال له: "الجواب ما ترى لا ما تسمع"، وبدأ الاستعداد وجمع الجيوش وكانت معركة الأرك الشهيرة في التاسع من شعبان سنة 591 هـ التي انتهت بفوز ساحق للمسلمين الذين اقتحموا حصن الأرك، وقلعة رباح وغيرهما من القلاع القريبة.

مع بداية اندلاع هذه الحروب والمناوشات بين النصارى والمسلمين في الأندلس، بدأ الشيخ الأكبر رحلته من جديد حيث رحل إلى مدينة فاس فأقام فيها مدة ثم عاد إلى إشبيلية لفترة ثم عاد من جديد إلى فاس فأقام فيها عدة سنوات. ولقد حاول بعض الكتاب الغربيون الطعن بابن العربي واتهموه بأنه هرب من الحرب وعاد بعد انتهائها ولكنه لما وجد الوضع غير مستقر في الأندلس هرب من جديد إلى المغرب.[386]ولكن كلوديا عداس دحضت بكل وضوح هذا الادّعاءات وذلك لأن ابن العربي غادر الأندلس سنة 593/1197 بعد الهزيمة المنكرة لألفونسو في موقعة الأرك وبعد أن تمّ استئصال خطر الإسبان في ذلك الوقت.[387]

ويبدو من الواضح أن رحلات ابن العربي الكثيرة بين الأندلس والمغرب ليس لها علاقة بالحروب التي كانت تدور من وقت لآخر في تلك المناطق، لأن ابن العربي كان يسعى وراء الشيوخ والمربّين كما رأينا في رحلته الأولى إلى تونس. فمدينة فاس كانت في ذلك الوقت معقل التصوف في المغرب، وهي المدينة التي اختارها شيخه أبا مدين ليتلقى فيها تربيته الصوفية، وفيها تعرّف على شيخه أبي الحسن عليّ ابن حرزهم (توفي 559/1165) وأبي عبد الله الدقاق[388]الذين خلّفوا العديد من المريدين الذين انتشروا في المغرب والأندلس وخاصة في فاس.