شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

2.9.12 - الشيخ أبو أحمد السلاوي

وهو من أصحاب الشيخ أبي مدين الذي سنتكلم عنه في الفصل القادم صحبه ثمانية عشر سنة. يقول عنه الشيخ محي الدين أنه وصل إلى إشبيلية حين كان ابن العربي في تربية شيخه أبي يعقوب الذي ذكرناه أعلاه فكان أبو أحمد رحمه الله قوي الحال كثير الاجتهاد والعبادة شديد البكاء. بات معه ابن العربي شهرا كاملا بمسجد ابن جراد فقام ابن العربي مرة ليلا يريد أن يصلي فتوضأ وجاء إلى مسقف المسجد فرآه نائما عند باب المسقف والأنوار متصلة إلى السماء فبقي الشيخ محي الدين واقفا ينظر فيقول إنه لا يدري أمِن السماء نزلت عليه تلك الأنوار حتى اتصلت به أو منه انبعثت حتى اتصلت بالسماء؛ فلم يزل واقفا عليه يتعجب من حاله حتى استيقظ أبو أحمد وقام يصلي. فيقول إنه كان إذا بكى أبو أحمد يأخذ ابن العربي الدموع إذا سقطت من عينيه على الأرض فيمسح بها وجهه فيجد فيها رائحة المسك فيتخذها طيبا وكان يشمها الناس عليه فيقولون له: هذا المسك من أين اشتريته؟[276]

والسلاوي كان من أهل الضحك ففي الفتوحات المكية يذكر الشيخ محي الدين أنه رافق السلاوي وساح معه في الأندلس وصحبه سفرا وحضرا فكان لا يفتر عن الضحك.[277]وكما سنرى في الفصل السادس حينما سنتكلم عن بعض عقلاء المجانين الذين التقاهم ابن العربي في دمشق وغيرها، فإن الشيخ محي الدين يذكر أبا أحمد السلاوي في الفتوحات المكية في الباب الرابع والأربعين أنه كان من هؤلاء المجانين الذين ذهب بعقلهم وارد لطف من الله بسطهم وشغلهم ما تجلى لهم عن تدبير نفوسهم فسخّر الله لهم الخلق فهم مشتغلون بمصالحهم عن طيب نفس فإنّ من أشهى ما إلى الناس أن يأكل واحد من هؤلاء عنده أو يقبل منه ثوبا وذلك من التسخير الإلهي فجمع الله لهم بين الراحتين حيث يأكلون ما يشتهون ولا يحاسبون ولا يُسألون.[278]