شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

1.3 - وصف نسخة القونوي والسماع الذي عليه

بالنظر إلى قائمة المخطوطات المذكورة أعلاه نجد أن مخطوطة الفهرس التي تقع في مجموع يوسف آغا رقم 7838 – وهو نفسه رقم 5624 وفق الترقيم الحديث – هي أقدم نسخة للفهرس على الإطلاق، ومما يزيد في أهميتها أنها مكتوبة بخط الشيخ صدر الدين القونوي، وعليها سماع مصدق من قبل الشيخ الأكبر نفسه، وذلك في شهر صفر سنة 627 هـ، بعد أن قام بمراجعتها وتصحيحها بكتابة ملاحظات طفيفة على الهامش. تبدأ هذه النسخة من صفحة 188أ، وهي الصفحة التي عليها السماع، ثم يبدأ نص الفهرس من الصفحة 188ب ويستغرق أحد عشر صفحة تنتهي بالرقم 193ب. النص مكتوب بخط نسخي جميل وواضح، وذلك حتى كتاب "الوسائل في الأجوبة عن عيون المسائل"، ثم "كتاب النكاح المطلق" (بخط باهت قليلا) ثم "كتاب فصوص الحكم"، بخط واضح، ثم يصبح الخط باهتاً، مما يشير أنه كتب على مرحلتين وفي وقتين مختلفين، ولكنه بنفس الخط ونفس الحبر، إلا أن الجزء الأول منه أكثر إشباعاً من الجزء الثاني الذي يبدو أنه كتب على عجل، وقد تم الشخط على بضعة عناوين بنفس القلم، ربما أثناء المراجعة، لكونها مكررة. كما يجدر بالذكر أنّ هذا المجموع يضم أيضاً عدداً من السماعات التي توثق تواريخ قراءة صدر الدين القونوي لحوالي أربعين كتاباً على الشيخ الأكبر، بما فيها كتاب فصوص الحكم الذي كتب قبل ذلك بحوالي شهر، في آخر محرم من نفس السنة. إضافة إلى ذلك هناك سماعات مختلفة بقراءة صدر الدين القونوي لعدد من الكتب الأخرى على شيوخ آخرين.

لكنَّ ما يلفت الانتباه ويثير بعض الدهشة ويبعث على الحيرة هو وجود إشارة ربما تعني أنَّ هذه النسخة قد كتبت في القاهرة، أو ربما أثناء السفر ثم قرئت هناك، وتحديداً في المدرسة "الغزنوية"، التي في سويقة أمير الجيوش بالقاهرة، حيث نجد في أعلى الصفحة 188أ مكتوباً بخط الشيخ محي الدين، كما هو موضح في الشكل ref(fihristqunawi3 المرفق: "قرأ عليّ الولد البار المجتبى الأنجب الطاهر صدر الدين محمد بن إسحق بن محمد بن يوسف القونوي الفهرست الذي يتضمن أسماء تواليفنا وتصنيفاتنا في فنون مختلفة، نفعنا الله بالعلم، وأنا بالغزنوية. وكتب محمد بن علي بن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي بخطه في صفر سنة سبع وعشرين وستمائة، والحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى." غير أنَّ هذه العبارة "وأنا بالغزنوية"، التي أثبتها الباحث بكري علاء في ملاحظة غير منشورة، ليست واضحة تماماً، خاصة وأنها وردت بعد الدعاء، ولذلك ربما يجب أن تُقرأ مثلاً "نفعنا الله بالعلم وآتانا القرب به"، مع أنَّ القراءة الأولى هي الأقرب إلى شكل الخط المنقوش في الأصل، والله أعلم.

[تصديق الشيخ الأكبر على الصفحة أ188 من مخطوطة يوسف آغا 7838]تصديق الشيخ الأكبر على الصفحة 188أ من مخطوطة يوسف آغا 7838، وفيه يذكر أنه تم قراءة الفهرس عليه وهو بالغزنوية - انظر الشرح أعلاه.

على كل حال، إذا صحت العبارة الأولى، فهذا يعني أن الشيخ محي الدين سافر إلى القاهرة في هذه السنة وبرفقته ربيبه صدر الدين. فالغزنوية هي مدرسة في القاهرة، بناها الأمير حسام الدين قايماز النجمي (توفي 596 هـ)، وهو مملوك نجم الدين أيوب، والد القائد الخالد صلاح الدين، وهو الذي تولى القصر الفاطمي بعد وفاة العاضد، فحصَّل أموالاً جزيلة وبنى المدرسة عند سويقة أمير الجيوش، وفوَّض أمرها للشيخ شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن يوسف بن عليّ بن محمد الغزنوي (توفي 599 هـ)، وهو مقرئ وفقيه حنفي، فعرفت باسمه. فإذا صحَّت هذه العبارة أعلاه، هذا يعني أنَّ الشيخ محي الدين قد كان في القاهرة في شهر صفر من تلك السنة 627 هـ، في حين إنَّ المعروف أنه استقرَّ في دمشق منذ سنة 620 هـ، كما وضحنا في المجلد الأول. كما أنَّ ذلك يعني أن الشيخ صدر الدين القونوي قد زار القاهرة في هذه السنة، وذلك قبل زيارته المعروفة في سنة 630 هـ والتي أراج منها أن يلتقي بسلطان العاشقين ابن الفارض، وأنَّ ذلك لم يتسنَّ له، حيث إنَّ الأخير كان مريضاً وقد توفي بعد ذلك بقليل. وبالتالي؛ إذا كان الشيخ صدر الدين بالقاهرة سنة 627 هـ، فهل التقى بابن الفارض وسمع عليه التائية التي أصبح يدرِّسها، هو والمثير من أتباعه بعده، لعدة عقود بعد ذلك، وكذلك هل التقى الشيخ محي الدين بابن الفارض في هذه السنة، وبالتالي ربَّما يصح نسبة القول له إنَّ كتاب الفتوحات المكية هو شرح للتائية! كل هذه الأسئلة وغيرها يجب مناقشتها بالتفصيل إذا صحت هذه القراءة.

ونضع فيما يلي بعض الصور من مخطوطة يوسف آغا المكتوبة بخط الشيخ أبي المعالي صدر الدين محمد بن إسحق القونوي.

[بداية الصفحة الأولى من رسالة الفهرست من مخطوطة يوسف آغا 7838]بداية الصفحة الأولى من رسالة الفهرست من مخطوطة يوسف آغا 7838، وهي مكتوبة بخط الشيخ أبي المعالي صدر الدين محمد بن إسحق القونوي.

[الصفحة الأخيرة من رسالة الفهرست من مخطوطة يوسف آغا 7838]الصفحة الأخيرة من رسالة الفهرست من مخطوطة يوسف آغا 7838، ونلاحظ اختلاف الخط قليلا عن بداية المخطوطة مما يشير إلى أنها أكملت على عجل، وربما يكون ذلك بسبب كونهم على سفر كما ذكرنا أعلاه.