شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

2.2.5 - بعض كرامات عمه عبد الله

ويقول الشيخ محي الدين في الباب الرابع والعشرين من الفتوحات المكية أنّ عمّه كان من الرجال الذين تكون قلوبهم متعشّقة بالأنفاس الرحمانية حسّاً ومعنىً،[81]وهم رجال يدركون بالشمّ ما يدركه غيرهم بالحواس الأخرى. ولذلك يذكر الشيخ محي الدين أن عمّه رحمه الله كان يجلس في البيت فيقول "طلع الفجر"، فيسأله محمد "من أين تعرف ذلك؟" فيقول: "يا بنيّ إن الله يوجّه ريحاً من تحت العرش تهبّ في الجنّة، فتخرج بريحها عند طلوع الفجر يشتمّها كلّ مؤمن في كل يوم."[82]وتجدر الإشارة إلى أنّ ذلك أيضاً من أحوال "نفس الرحمن" الذي يبدو أن أهل اليمن حصّلوا فيه الحظّ الوافر، كما ذكرنا في نهاية الفصل الأوّل.

ويذكر الشيخ محي الدين أيضاً عن عمّه أنه أصابته أدرة[83]كبيرة، فكان يجعلها أمامه مثل المخدة الكبيرة. وكان له ولدٌ خلفٌ قد أقرح قلبه فدعا عليه فمرض وكان يسأل الله أن يقدّمه أمامه وحينئذ يموت، فمات ابنه قبله فدفنه وقال: "الحمد لله إني أعيش بعده أربعة وأربعين يوما وأموت." فعاش كما قال ومات.

ويصف الشيخ محي الدين موته فيقول:

ولما كانت ليلة وفاته قعدنا عنده بعد صلاة العشاء وهو مستقبلٌ القبلة فوجد بعض راحة وأدرته قد عظمت، فقال لنا استريحوا وارقدوا، فأخذنا مضاجعنا، فقمت إليه في وقت السحر فوجدته قد فاضت نفسه رحمه الله تعالى وما شاهد أحد موته. وطلبنا تلك الأدرة فلم نجد منها شيئا، فقلنا لعلها كانت رياحا وبقي الجلد، فإذا به مثل جميع الناس ما عنده شيء فعجبت أن ستره الله وأخفاه.[84]

وفي الفتوحات المكية أيضاً يروي الشيخ الأكبر أن عمه عبد الله كان كثيرا ما ينشده هذه الأبيات المؤثرة للسميسر:[85]

زمانٌ يمرُّ وعيشٌ يمرّ|ونفسٌ تذوبُ وهمٌّ ينوبُ

ودهرٌ يكرُّ بما لا يسـرّ|ودنيا تنادي بأن ليس حرّ

ويقول الشيخ محي الدين أن عمّه كان عمره من وقت رجوعه إلى هذا الطريق إلى أن مات ثلاثة أعوام خاصة، ومات وهو في الثالثة والثمانين. ويضيف أنه "مات قبل أن أدخل هذا الطريق".[86]