شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

6.5.31 - مقام العبودية المحضة

إن خير وصف يوصف به الإنسان بالنسبة لله تعالى هو العبودية ولذلك قال الله تعالى في بداية سورة الإسراء عن النبي صلّى الله عليه وسلّم عندما أسرى به إلى المسجد الأقصى: [b]((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ... [1]))[/b]وقال عن الخضر عليه السلام في سورة الكهف: [b]((... عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا ... [65]))[/b]، والكل على الحقيقة عباد الله سواء الملائكة أو الجن أو الإنس كما يقول الله تعالى في سورة مريم [b]((إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا [93]))[/b].

ولكن العبودية لها مراتب لأنها تتعلق بأسماء الله تعالى الفاعلة في الكون، فمثلاً إن الذي يطلب الرزق هو عبد الرزاق والذي يطلب المغفرة هو عبد الغفور والذي يطلب العلم هو عبد العليم وهكذا كل عبد يتعلق تلقائياً باسم من أسماء الله الحسنى أو ببعضها، فأعظم هذه المراتب في العبودية هو العبد الذي يتعلق بالاسم الجامع وهو اسم الله سبحانه تعالى الذي هو اسم الذات الإلهية من غير نظرٍ لأيّة نسبة معينة. ولكن التحقق في هذا المقام هو المطلوب وليس فقط الدعوى، فليس كلّ من سمّي عبد الله هو عبدٌ لله وحده.

ففي الليلة التي كتب فيها الشيخ الأكبر الباب الأحد عشر وثلاثمائة من الفتوحات المكية رأى رؤية عظيمة سرّ بها كثيرا واستيقظ وهو ينشد بيتاً كان قد عمله قبل ذلك في نفسه وهو من باب الفخر وهو:

في كل عصـر واحد يسمو به

وأنا لباقي العصـر ذاك الواحد[918]

وحُقَّ له أن يفخر لأنه يقول إنه لا يعرف في ذلك اليوم في علمه من تحقق بمقام العبودية أكثر منه وإن كان ثَمّ فهو مثله فإنه بلغ من العبودية غايتها فهو العبد المحض الخالص لا يعرف للربوبية طعماً.[919]

ولقد ذكرنا القصيدة الكاملة التي منها هذا البيت في بداية الفصل الأول وشرحناها في آخره وقلنا هناك أن هذا البيت منقوش على مدخل الحجرة التي فيها ضريح الشيخ محي الدين في دمشق.