شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

6.5.25 - رؤيته للعز ابن عبد السلام (دمشق، ~635/1238)

يتناقل كتاب التاريخ أخباراً متناقضة حول رأي الشيخ العز بن عبد السلام بالشيخ محي الدين ابن العربي، وسوف نناقش هذه الآراء لاحقاً في الفصل الأخير إن شاء الله تعالى. ولكن يبدو من الرواية التالية، رغم أنها جرت في النوم، أن العلاقة بينهما كانت علاقة ودّ ومحبة. يذكر الشيخ محي الدين في الديوان الكبير أنه رأى في الواقعة العزّ بن عبد السلام الفقيه الشافعي وهو على مصطبة كالمدرسة يعلّم الناس المذهب، فقعد ابن العربي إلى جانبه فرأى إنسانا قد أتى إليه يسأله عن كرم الله تعالى، فكان ينشده بيتا في عموم كرم الله بعباده. فقال له الشيخ محي الدين: إن لي في هذا المعنى بيتا من قصيدة، ولكنّه لم يتذكّره في ذلك الوقت، ولكنه قال: إن الله أجرى على لساني في هذا الوقت في هذا المعنى ما أقوله لك الآن. فقال العزّ وهو يتبسّم: قل، فيقول الشيخ محي الدين أن الله أنطقه بأبيات لم تطرق سمعه من قبل، وهي:

الله أكرم أن يحظى بنعمته
وإن شقي فكآلامٍ يصيب بها
ولكنهم عالم بالله مستندٌ

الطائعون ويشقى المجرم العاصي
المؤمنين، فمن دان ومن قاصي
إليه مفلسهم وربّ أوقاص[908]

فيقول الشيخ محي الدين أن العزّ ابن عبد السلام كان يتبسم، فبينما هم كذلك إذ مرّ القاضي شمس الدين الشيرازي، فلما رأى الشيخ محي الدين نزل عن بغلته وجاء فقعد إلى جانب العزّ بن عبد السلام، ثم أقبل على الشيخ الأكبر وقال له: أريد أن تقبلني في فمي، ثم ضمّه فقبله الشيخ في فمه. فقال العزّ بن عبد السلام" ما هذا؟ فقال له الشيخ محي الدين: أنا في رؤيا، والتقبيل قبول يطلبه مني، فإنه شخص قد حسن الظن بي وقد خطر له قصر أمله وقبيح عمله واقتراب أجله. ثم قام الشيخ محي الدين فعضده حتى ركب وانصرف.[909]

ويبدو أن هذه القصة حدثت قبل سنة 635 بقليل حيث توفي القاضي ابن الشيرازي وهو محمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله أبو نصر الشيرازي ثم الدمشقي الملقب شمس الدين (549/1154-635/1238)، ولي القضاء ببيت المقدس والشام، ودرَّس بمدرسة العماد الكاتب ثم بالشامية الكبرى.[910]

وأما العزّ بن عبد السلام (577/1181-660/1262) فهو أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن السُّلمي، الفقيه المجتهد الشافعي. وسنتكلم عنه أيضاً في الفصل السابع إن شاء الله.[911]