شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

6.5.19 - بداية النسخة الثانية من الفتوحات (دمشق، 632/1235)

بعد أن أنهى الشيخ محي الدين النسخة الأولى من الفتوحات المكية وبدت بشكل مكتمل بلغ أكثر من عشرة آلاف صفحة بدأ يعيد النظر فيها ويضيف في بعض المواضع ويحذف في مواضع أخرى.

وربما يثير هذا تساؤلاً مشروعاً وهو أنه يدّعي في بداية الفتوحات كما ذكرنا أعلاه وكذلك في كتبه الأخرى أنها ليست من بنات أفكاره بل هو ما يكتب إلا ما يُفتح عليه به ولذلك ربما يقدّم ويؤخّر ... إلخ. ونقول إن هذا تساؤلٌ مشروعٌ ولكنه لا يقدح في صحة كلام الشيخ رضي الله عنه لأن موضوع النسخ انطبق حتى على القرآن الكريم وذلك لتأكيد "حكم الوقت" على مجريات الأحداث ولو كانت المسألة لا تظهر إلا بشكلها النهائي المقدور في الغيب لا يكون هناك أي معنى للحياة كلّها إذ يمكن لله تعالى أن يخلق الخلق ويضعهم في مراتبهم النهائية من غير سير ولا سلوك، وهذا أمر لا يكون. ولذلك هناك ما يسمّى باللوح المحفوظ، وهناك لوح المحو والإثبات، فيمحو الله ما يشاء ويثبت في اللوح الأول، وعنده أمّ الكتاب وهو اللوح المحفوظ.

فإذاً لا يتعارض التعديل الذي أجراه الشيخ محي الدين على النسخة الأولى من الفتوحات المكية مع كونها جاءته عن طريق الإلهام كما رأينا، بل إن التعديل نفسه هو أيضاً إلهام. وفي الحقيقة، فإن كلّ شيءٍ إنما هو إلهام من الله تعالى في بادئ الأمر، وهو ما يُعرف بالخاطر الأول، ثم إن تردّد في الفكر دخل عليه الخلط. فالخاطر الأول يكون إلا ربانيا ولهذا يصدق ولا يخطىء أبداً.[903]