شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

6.5.15 - رؤيته ليلة القدر (ليلة الجمعة 19 ربيع الأول 631/1233)

يذكر الشيخ محي الدين في الديوان الكبير أنه رأى ليلة القدر ليلة التاسع عشر من شهر ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وستمائة، فقال في ذلك شعرا:[891]

ما ليلة القدر إلا ذات رائيها
تحوي على كلّ خير قيّدته لنا
ولم يقيّد بشيء ما يزيد على
فليس يحصر غير الذات في عدد
وخيره سرمديّ لا انقضاء له
من كل عين تؤديها إلى عطب

وهي الدليل على الخير الذي فيها
بألف شهر وذاك القدر يكفيها
ما قيّدته لنا حتى يوفّيها
لأنه خير ربّ مودع فيها
فالله يحرسها والله يكفيها
ولو قد سعينا في تلافيه

وليلة القدر هي الليلة التي أُنزل فيها القرآن الكريم وسميت بهذا الاسم لأنها ليلة ذات قدر عظيم فقد فضّلها الله سبحانه وتعالى على سائر الليالي وجعلها خيراً من ألف شهر، وقيل سمّيت بهذا الاسم لأنّ الله تعالى يقدّر فيها الأرزاق والآجال، كما قال تعالى في سورة الدخان: [b]((فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ [4]))[/b].

وفي صحيح البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدم من ذنبه". وقد وردت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم بعض الأحاديث أنها ليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين، وآخر ليلة في شهر رمضان. وقد اختلف العلماء في تحديد ليلة القدر، وذلك على أكثر من أربعين قول ذكرها الحافظ ابن حجر في فتح الباري،[892]وأغلب العلماء يقولون أنها في أوتار العشر الأواخر من رمضان، كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يجاوز في العشر الأواخر من رمضان، ويقول: التمسوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان".[893]

قال الله تعالى في سورة القدر: ((إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [1] وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ [2] لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ [3]))، وقال في سورة الدخان: ((حم [1] وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ [2] إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ [3]))، ولأن الله تعالى يقول في سورة البقرة: ((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ... [185]))، فيعتقد الكثير من العلماء أنها لا تكون في غير شهر رمضان.

ولكن الحقيقة، كما يقول الشيخ محي الدين أنها قد تكون في أي يوم من أي شهر ولكنها أكثر ما تكون في أوتار العشر الأواخر من شهر رمضان. فهو يقول في الباب الواحد والسبعين عند حديثه عن قيام ليلة القدر أنه رآها في شعبان وفي شهر ربيع وفي شهر رمضان، وأكثر ما رآها في شهر رمضان وفي العشر الآخر منه، ورآها مرّة في العشر الوسط من شهر رمضان في غير ليلة وتر وفي الوتر منها، ويضيف أنه على يقين من أنها تدور في السنة في وتر وشفع من الشهر الذي تُرى فيه.[894]

ويضيف الشيخ محي الدين في الباب الثاني والثلاثين وأربعمائة أن الله أنزل الكتاب فرقاناً في ليلة القدر ليلة النصف من شعبان وأنزله قرآناً في شهر رمضان إلى السماء الدنيا، ومن هناك نزل في ثلاث وعشرين سنة فرقاناً نجوماً ذا آيات وسور.[895]