شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

6.5.8 - رجال العظمة (سورية، 628/1231)

ذكرنا من قبل أن الشيخ محي الدين رأى في الموصل رجلاً من رجال العظمة، ذكره في الباب الثامن والخمسين وخمسمائة الذي ذكر فيه حضرات الأسماء الإلهية، في حضرة الاسم العظيم ويدعى صاحبها عبد العظيم، وحالُ هذا العبد الاحتقار التام مع كونه محلاً للعظمة عند نفسه. وقد رأى الشيخ محي الدين شخصاً واحداً يحكم في هذا المقام وهو من حديثة الموصل، ولكن شيخه أبا العباس العريبي من أهل العلياء من غرب الأندلس أخبره أنه رأى واحداً أيضاً من أهل هذه الحضرة وقد تلبّس كالحلاج الذي كان يعظم جسمه في أعين الناظرين بالأبصار فكان له بيت يسمّى بيت العظمة إذا دخل فيه ملأه كلَّه بذاته في عين الناظر حتى نُسب إلى علم السيميا في ذلك لجهلهم بما هم عليه أهل الله من الأحوال.[871]

ويضيف الشيخ قائلا أن حكم العظمة في النفوس كثير الوقوع فإنه تقع أمور كثيرة يعظم في النفوس قدرها بحيث لا تتسع النفس لغيرها ولا سيما في الأمور الهائلة التي تؤثر الخوف في النفوس.[872]

ولكن الشيخ محي الدين لم يذكر في هذا الباب اسم هذا الرجل الموصلي، إلا أنه ذكر في موضع آخر أنه كان عالقا في هذا المقام ولا يستطيع الانتقال منه وهذه الحالة البرزخية لا يقام فيها إلا من عظّم حرمات الله وشعائر الله من عباده وهم أهل العظمة وكان هذا الرجل من أهل حديثة الموصل كان له هذا المقام ووقعت له واقعة مُشكلة ولم يجد من يخلصّه منها، فلما سمع بالشيخ محي الدين جاء به إليه الفقيه نجم الدين محمد بن شائي الموصلي المدرس بمدرسة سيف الدين بن علم الدين بحلب فعرض عليه واقعته فخلصه منها فسُرّ بذلك وثلج صدره واتخذه صاحباً.[873]

ولكن ذلك لم يحصل أثناء وجود الشيخ الأكبر في الموصل ولا في حلب بل حصل في دمشق سنة 628، فلما رآه الشيخ محي الدين فهمه ووجده قد أخذ من مقام العظمة بحظ وافر لكنه دون ذوق القطب فيه لأنه أخبره أن النخامة كانت تدور في فمه لا يقدر أن يلقيها من فمه لأنه لا يجد لها محلاً تقع فيه خالياً من الحق، وقد علم ما جاء في الأدب في إلقائها في الشرع فكان يتحيّر.[874]