3.8 - عودته إلى الأندلس (~جمادى الأولى 595/1198)
لا ندري بالتحديد ما الذي دعا الشيخ محي الدين على قطع إقامته في مدينة فاس والرجوع من جديد إلى الأندلس. ولكن هناك احتمالان أولهما أنه ذهب إلى هناك ليقضي بعض أعماله وينهي كل ارتباطاته بالأندلس لأنه سوف يغادرها إلى الشرق بشكل نهائي عمّا قريب، حيث نراه ذهب في هذه السنة نفسها إلى مرسية مسقط رأسه التي ربّما بقي له فيها بعض الممتلكات، خاصة وأننا نعلم أن أباه كان من الأغنياء ومن أتباع السلطان ابن مردنيش ثم أمراء الموحدين كما ذكرنا. ومن جهة أخرى فمن المحتمل أن يكون ذهابه إلى الأندلس في هذه المرة هو للاعتزال عن الناس والهروب من المريدين والشيوخ الذين بدأوا يتكاثرون حوله وربما يشغلوه عن الخلوة مع الله، ولذلك نجد أنه في هذه المرة لم يستقر في إشبيلية ولا في أي مكان محدّد، وحتى إنه قضى أكثر من سنة من غير أن يخبرنا أين كان بالتحديد ولا ماذا حدث معه في هذه الفترة.
image010.png
ويبدو أن الشيخ الأكبر جاء إلى الأندلس كما قلنا إمّا مودّعا أو ليعتزل عن الناس، فقال في آخر هذا الكتاب بعد أن ذكر المواقف التي وقف بها والشيوخ الذين قابلهم خلال سنة 595 في الأندلس، قال: وهنا انتهى ما لقيت، ولا أزور أحدا بعدها ما بقيت. والسلام.[477]