شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

3.2.13 - بعض أقوال أبي مدين

وقد فاق إعجاب الشيخ محي الدين بالشيخ أبي النجا كل حدّ رغم أنه لم يعاشره في الواقع، ونراه في الفتوحات المكية وغيرها ينقل عنه أقوالا كثيرة، كقوله الشهير: "لا يكون المريد مريداً حتى يجد في القرآن كل ما يريد."[347]

وحول حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم: "لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر"،[348]يقول الشيخ الأكبر:

فكان شيخنا أبو مدين رضي الله عنه يقول: صَدَقَ، يُزالُ فيدخل صاحبه الجنة دونه، ويبقى هو (أي الكبر) في النار صورة مجسدة أو يعود الكبر إلى من هو له فيأخذ كل ذي حق حقه.[349]

وذلك مثال قول النبي صلّى الله عليه وسلّم ممازحا للعجوز في الحديث الضعيف الذي رواه الطبراني في الأوسط أن الجنة لا تدخلها عجوز.[350]

وحول العبودية، يقول الشيخ أبو مدين: "لا بد من بقاء رسم العبودية ليقع التلذذ بمشاهدة الربوبية."[351]

وحول العلم الذي عندنا من الله تعالى، يقول ابن العربي في قول الله عز وجل في سورة الإسراء: [b]((... وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً [85]))[/b]، أن شيخه أبا مدين يقول إذا سمع من يتلو هذه الآية: "القليل أُعطيناه ما هو لنا بل هو معار عندنا والكثير منه لم نصل إليه فنحن الجاهلون على الدوام".[352]

وكذلك قال في مكان آخر يقول: "وكان أبو مدين يأمر أصحابه بإظهار الطاعات فإنه لم يكن عنده فاعل إلا الله."[353]

وكذلك نقل عنه قوله بخصوص عودة الشيخ الواصل للإرشاد:

فكان شيخنا أبو مدين رضي الله عنه كثيرا ما يقول: "من علامات صدق المريد في إرادته فراره عن الخلق". وهذه حالة الرسول صلّى الله عليه وسلّم في خروجه وانقطاعه عن الناس في غار حراء للتحنث. ثم يقول: "ومن علامات صدق فراره عن الخلق وجوده للحق"؛ فما زال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتحنث في انقطاعه حتى فَجأه الحق. ثم قال: "ومن علامات صدق وجوده للحق رجوعه إلى الخلق"، يريد حالة بعثه صلّى الله عليه وسلّم بالرسالة إلى الناس، ويعني في حق الورثة بالإرشاد.[354]

وكذلك نقل الشيخ محي الدين ابن العربي في كتاب "محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار في الأدبيات والنوادر والأخبار" أخبارا كثيرة عن الشيخ أبي مدين حدّثه بها صاحبه الشيخ أبي عبد الله المروزي، الذي سنتكلم عنه بعد قليل، منها قوله، أي قول أبي مدين:

"من عرف الله من الجيب، رزقه من الجيب. ومن عرفه من الغيب، رزقه من الغيب."[355]

وهكذا نجد أن الشيخ محي الدين قد تأثر كثيرا بالشيخ أبي مدين بشكل مباشر عن طريق اللقاءات بينهما في عالم المثال، وكذلك عن طريق أحاديثه مع تلاميذه الذي انتشروا في أنحاء الأندلس والمغرب مثل الشيخ عبد الله الموروري والشيخ أبي محمد عبد الله المهدوي في تونس كما سنرى بعد قليل وغيرهم الكثير. وقد ذكرنا في الفصل الأول كيف أن هناك علاقة رابطة بين الشيخ أبي مدين وداود الطائي الذي يبدو أنه من أجداد الشيخ محي الدين رضي الله عنهم أجمعين.