شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

3.2.9 - علم المناسبات

ويروي الشيخ الأكبر عن علم المناسبات قصة طريفة، وذلك أثناء حديثه عن المعاني الباطنية للعبادات. ويبين هذا المقطع كيف يربط الشيخ الأكبر والشيخ أبو مدين بين بواطن الأمور وظواهرها:

(باب ‏الوضوء من حمل الميت‏‎(‎‏ قالت به طائفة من العلماء ومنع أكثر العلماء من ذلك وبالمنع ‏أقول. (وصل حكم الباطن فيه) أما حكم الباطن في ذلك فإنه يتعلق بعلم المناسبة؛ فلا ‏يجتمع شيء مع شيء إلا لمناسبة بينهما. قال أبو حامد الغزالي: رأى بعض أهل هذا الشأن ‏بالحرم غرابا وحمامة ورأى أن المناسبة بينهما تبعد فتعجب وما عرف سبب أنس كل ‏واحد منهما بصاحبه فأشار إليهما فدَرَجا فإذا بكل واحد منهما عرج فعرف أن العرج ‏جمع بينهما. وكان رجل من التجار يقول لشيخنا أبي مدين أريد منك إذا رأيت فقيرا ‏يحتاج إلى شيء تعرّفني حتى يكون ذلك على يديّ فجاءه يوما فقير عريان يحتاج إلى ثوب، ‏وكان مقام الشيخ وحاله في ذلك عدم الاعتماد على غير الله في جميع أموره في حق نفسه ‏وفي حق غيره فإن الشيوخ قد أجمعوا على أنه من صح توكله في نفسه صح توكله في ‏غيره، فتذكر أبو مدين رغبة التاجر فخرج مع الفقير إلى دكان التاجر ليأخذ منه ثوبا فما‏شاه إنسان أنكره الشيخ فسأله عن دينه فإذا هو مشرك فعرف المناسبة وتاب إلى الله من ‏ذلك الخاطر فالتفت فإذا بالرجل قد فارقه ولم يعرف حيث ذهب. فلما أُخبرت بحكايته ‏وأنا أعرف بلادنا ما في بلاد الإسلام منها دينان أصلا فعلمت أن الله أرسل إليه من ‏خاطره ذلك شخصا ينبهه فإن الله علمنا منه أنه يخلق من أنفاس العالم خلقا. فكذلك من ‏هذا الباب من حمل ميتا فلمناسبة بينهما وهو الموت فإما موت عن الأكوان وإما موت ‏عن الحق فالميت عن الحق يتوضأ والميت عن الأكوان باق على وضوئه.[339]