شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
شمس المغرب - سيرة لأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

البداية
الجزء الأوّل
الجزء الثاني
الجزء الثالث
اتصل بنا
مرحبًا بكم في شمس المغرب ( يرجى الدخول أو التسجيل)
المقدمات
الفصول
المحتويات

3.1.6 - في مدينة سبتة (شهر رمضان 589/1193)

وعلى الطرف الآخر من المضيق مرّ الشيخ محي الدين بمدينة سبتة المغربية وهي المدينة التي كانت منطلقا أساسيا لجميع الجيوش الإسلامية التي عبرت البحر باتجاه الأندلس، فهي بالإضافة إلى أهميتها التجارية ذات أهمية جغرافية كبيرة لأنها تطل على جميع السفن التي تعبر جبل طارق، ولذلك سمّيت "باب الجهاد". أصبحت مدينة سبتة خلال عصر المرابطين من أهم مراكزهم الحربية، وأقام فيها يوسف بن تاشفين مدّة من الزمن للإشراف على الجيش الإسلامي الذي أرسله لنصرة إخوانهم في الأندلس في آخر عهد ملوك الطوائف الأولى. وبعد ذلك شهدت هذه المدينة مقاومة عنيفة للموحّدين لأن سكانها، بقيادة القاضي عياض،[296]رفضوا حكم الموحدين الذين لم يأخذوا بالمذهب المالكي الذي كان مذهب معظم أهل المغرب.

بالإضافة إلى ذلك فقد كانت مدينة سبتة خلال فترة وجود الشيخ الأكبر في المغرب من أهمّ مراكز الحركة العلمية في السواحل المغربية، وكان فيها مئات المساجد والمكتبات العلمية والزوايا التي يؤمها الصوفية والفقراء من أهل الله.

في هذه المدينة التقى الشيخ محي الدين بعلمائها ومنهم أبو عبد الله محمد بن عبيد الله الحجري (توفي 591/1194) حيث حضر دروسه وقرأ عليه صحيح البخاري. ذكر الشيخ الأكبر في مقدمة الفتوحات المكية أنه زاره في داره وروى عنه حديث أبي هريرة أنه أخذ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعاءين من العلم بثّ أحدهما واحتفظ بالآخر، ولو بثّه بين الناس لاتهموه بالكفر.[297]ويعدّ هذا الحديث مرجعا مهمّا عند أهل الله ويعتمدون عليه كأساس لاستعمالهم لغة الإشارات فيما يكتبون وكذلك لوجود التفسيرات الباطنية لبعض الآيات والأحاديث في كتبهم كما ذكرنا أعلاه. وقد ورد هذا الحديث في صحيح البخاري بنص: حدثنا إسماعيل قال: حدثني أخي، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: "حفظت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعاءين: فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم".[298]